قضية عدلان ملاح المسجون بتهم خطيرة تطرح أكثر من علامة استفهام حول العدالة وأدائها في هذا الظرف الحساس الذي تمر به البلاد.المعروف أن العدالة الجيدة الأداء تقف على رجلين: رِجل القضاة النزهاء الأكفاء الذي لا يخضعون إلا للقانون والقانون وحده، ورِجل الدفاع الذي هو المحاماة، وهم حراس معبد الحق والعدل، فلا عدالة عادلة دون دفاع قوي ومعترف به. العدالة العادلة إذن يقيمها القضاة والمحامون، واختلال العدالة في أحكامها يكون ثابتا إذا لم يُحترم القضاة ولم يُحترم المحامون، وفي هذه الحالة يكون الضحية هم المتقاضين.وفي حالة عدلان ملاح هناك اختلال واضح في قضية العلاقة بين القضاة والمحامين والنيابة صاحبة الدعوى. فلا يمكن أن نتصور وجود أكثر من 30 محاميا في قضية عدلان إذا لم يكن في الأمر اعتداء على الدستور والقانون فيما يخص الحريات. والقول بأن هذا العدد الهائل من المحامين الذين تبرعوا للدفاع عن ملاح على خطأ والنيابة والقضاة على حق معناه أن هناك خللا ما حصل في العلاقة بين طرفي العدالة القضاة والمحامين، بل يمكن أن نقول بأن العدالة في خطر إذا كان بإمكان هذا العدد الهائل من المحامين أن يتبنوا قضية غير عادلة، والقضاة والنيابة هم وحدهم الذين يرون هذا الإجرام. هنا لا بد أن نسجل خللا أخلاقيا كبيرا يمكن أن يمس العدالة في العمق، وهو عدم فهم القضاة والنيابة والمحامين لاختصاصهم ورسالتهم الحيوية في إقامة العدل.. وهذا في حد ذاته أمر خطير.واضح أن انحياز النيابة والقضاة إلى السلطة التنفيذية بلا مسوِّغ قانوني كاف هو انحياز لا يخدم السلطة قدر ما يضرها.. فلو تأزمت قضية ملاح واتخذت أبعادا أخرى كما حصل لتامالت فإن القضاء والنيابة في هذه الحالة هم من ساهم في تأزيم الموقف وليس مساعدة السلطة في تأديب ملاح.لاحظوا أن بداية أزمة العنف في 1992 كانت بممارسة ضغوط السلطة على الصحافة والصحافيين، ووصل الحال بالمتصارعين إلى حد قتل أكثر من 70 صحفيا في 10 سنوات، واليوم فإن بداية الضغط على الصحافة الحديثة وصحافيي مواقع التواصل الاجتماعي معناه إيذان بتوجه غير سليم للبلاد قد يقودنا إلى ما لا نريده لبلدنا.. ويخطئ من يعتقد أن حرية الناس في التعبير السياسي يمكن أن تُقمع بالقضاء أو حتى بالشرطة و ”القزول”، فالعالم تغير الآن، وعلى العدالة أن تقيم العدل الذي يجعل الناس تحترم القانون وتحترم الدولة ولا تخافها[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات