حالنا السياسي اليوم يشبه حال “الملك العاري” في قصة الكاتب المبدع الدانماركي “كريستيان أندرسون”!القصة تتحدث عن ملك وقع في شباك النفاق والكذب في بطانته وأراد أن يتخلص منهم، فأمر بأن تخترع له وسيلة تكشف أسرار نفاق المسؤولين عند تعيينهم في المسؤوليات، فوقع الملك في حبال محتالين ادعيا بأنه باستطاعتهما حياكة ثوب عجيب لا يرى، ومن يلبسه تنكشف أسراره أمام الناس على حقيقتها. فقال الملك هذا الثوب هو الذي يمكنني من معرفة حقيقة المسؤولين الذين أسند لهم مهمات الحكم في مملكتي، فأمر بأن يعطى هذان الحائكان (المحتالان) كل الإمكانيات التي تسمح لهما بحياكة هذا الثوب العجيب الذي يلبسه المسؤول ولا يرى.. فحصل المحتالان على المكائن للحياكة وعلى الفاخر من خيوط الحرير لحياكة الأثواب العجيبة.وبعد مدة طلب الملك من وزيره تفقد ورشة هؤلاء للاطلاع على ما وصلوا إليه من أمر حياكة الثوب العجيب هذا. فتوجه الوزير إلى الورشة ودخلها ولم يجد غير المحتالين وهما منهمكان في نسج ثوب وهمي بحركات وهمية، فقال لهما: ويحكما، أين هو الثوب الذي وعدتم به؟ فقالا له: الثوب لا يرى فلو رأيته لفقد فاعليته، فتعر يا سعادة الوزير لنلبسه لك. فتعرى الوزير كما ولدته أمه وألبساه الثوب الوهمي، وخرج على الناس مدعيا أنه من خيرة وزراء الملك، كون الثوب لم يكشفه. وأعجب من رآه عاريا بالثوب الوهمي ولم يستطيع أي واحد أن يقول له أنك عارٍ حتى لا يتهم بأنه لا يصلح لأن يكون من رجال الملك. وشك الملك في الأمر ولكنه تراجع حتى لا يقال عنه إنه هو أيضا لا يصلح كملك، فأرسل رئيس حرسه للتأكد من الأمر، ووقع هو الآخر في حبال المحتالين فنزعا له ثيابه وألبساه ثيابا وهمية وخرج على الناس عاريا لم يستطع أن يقول الحقيقة خوفا من أن يقول عنه الملك أنه لا يصلح لأن يكون كبير حرسه، فتعجب الملك في الأمر وقرر أن يزور هو نفسه المصنع الذي يصنع فيه المحتالان هذه الثياب الوهمية، وتقدم الملك من المحتالين طالبا ثوبا، فقدما له ثوبا وهميا ونزعا له ثيابه وألبساه الثياب الوهمية، وخاف الملك أن يعترف بأنه عارٍ، فيتهم بأنه لا يصلح لحكم هذا الشعب الذي يرى ما لا يراه الملك غير هذه الأثواب، فخرج الملك على الناس عاريا وهو يعتقد واهما أنه يلبس لباسا عجيبا غريبا. وفي شوارع عاصمة المملكة استقبله الشعب بالصياح.. عاش الملك الذي يلبس هذا اللباس العجيب! وهو في الحقيقة يسير عاريا، حتى الشعب جارى الملك والحاشية والمحتالين في حكاية الثوب الوهمي.. لكن أحد الأطفال صاح من بين الشعب في براءة: ها هو الملك يسير بين الناس عاريا.. وانتبه الناس إلى الحقيقة التي جاءت على لسان طفل بريء، ولم يستطع قولها لا الشعب ولا حاشية الملك ولا حتى الملك! فمن هو الطفل الذي سيقول لحكامنا وشعوبنا إنكم عراة وما تلبسونه هو ثياب الكذب والنفاق ولا شيء غير ذلك؟[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات