صحيح أن تأجيل الانتخابات الرئاسية لا يسمح بها الدستور إلا في حالة الحرب، حيث يتعذر على البلاد إجراء الانتخابات دون مخاطر، لكن الوضع الذي تعيشه البلاد اليوم أسوأ من حالة الحرب في خطورته على وجود الدولة نفسها.فالمؤسسات الدستورية الشرعية تعمل خارج الشرعية، مثل البرلمان والحكومة، لأن نسبة انتخابها لا تتعدى 20% من مجموع الناخبين المسجلين! وهذا معناه أن فكرة الالتزام بالمؤسسات الدستورية الشرعية فكرة خاطئة من أساسها وغير دستورية، لأن الأصل في دستورية هذه المؤسسات أن تكون منتخبة من طرف الشعب دستوريا! وهذا لم يحصل. ومن هنا، فإن الاعتداء على هذه المؤسسات الدستورية بتوقيفها قد لا يعد اعتداء على الدستور، لأن هذه المؤسسات نصبت خارج الترتيبات الشرعية للدستور ومنها الانتخابات.ومن هنا، فإن فكرة تأجيل الانتخابات دون حرب هي اعتداء على الدستور، وهي فكرة طوباوية من الناحية الدستورية، لأن تنصيب هذه المؤسسات خارج الدستور كان في الأصل اعتداء على الدستور. ولهذا فإن العملية قد تعد تصحيحا لاعتداء على الدستور وليس اعتداء عليه، شريطة أن لا تجرى هذه العملية بالوجوه السياسية التي اعتدت على الدستور ونصبت هذه الهيئات غير الدستورية الميتة، والحل هو الحل؟!فالرئيس ليس في مقدوره أن يقود مرحلة انتقالية تؤجل فيها الرئاسيات إلى وقت لاحق، ليس فقط لأن الذين يحيطون به الآن يعانون من هزال سياسي ورداءة وفساد لا يمكن أن يرتاح إليهم الشعب لقيادة مرحلة انتقالية مأمونة ومأمولة سياسيا، بل لأن الرئيس نفسه في حالة معنوية قد لا تسمح له بقيادة مرحلة انتقالية ناجعة ونافعة للبلاد بسبب كل ذلك. هل لو كان الرئيس في حالته المعنوية مثلما كان حاله قبل 20 سنة يمكن أن يضع 5 جنرالات في السجن دفعة واحدة؟! الرئيس هو الذي قال عند استلامه للحكم سنة 1999: من يريد أن يصل الى الجنرالات الذين قادوا عملية إنقاذ الجزائر في التسعينات سيصلون إليهم على جثتي! فماذا حدث حتى وصل هؤلاء إلى الجنرالات ووضعوهم في السجن؟!وإذا كان هؤلاء الجنرالات قد مارسوا الفساد والعبث بالمال العام ويستحقون عليه السجن والملاحقات القضائية، فأين كان من سجنوهم عندما كانوا يسرقون المال العام؟!بالطبع، المشاكل التي حصلت في الجهاز الوطني للتزوير الانتخابي (D.R.S) والمشاكل التي حصلت أيضا بعد ذلك في الجيش جعلت البلاد في حالة شبه عجز عن إجراء انتخابات رئاسية متحكم فيها بالتزوير وغير التزوير، كما كان الأمر من قبل، ولهذا فالوضع الآن أسوأ مما لو كانت البلاد في حالة حرب. لكن لماذا يخاف النظام من العودة إلى الشعب صاحب السيادة كلما جاءت الرئاسيات؟! والجواب واضح.. لأن الشعب مصدر السلطة في الدستور فقط؟[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات