أشياء غير معهودة تحدث في الجزائر هذه الأيام... قصف مركّز من طرف وسائل التواصل الاجتماعي على المؤسسة العسكرية على غير العادة، وشبه سكوت سياسي وإعلامي على ما تقوم به الرئاسة والحكومة! وحتى أحزاب التحالف والتعالف وأحزاب “الرز” السياسي الذي تقدمه السلطة إلى هؤلاء في المناسبات..هل فعلا تغير الرأي العام في الجزائر وتغير معه الوضع السياسي، فلم يعد المواطن الجزائري يرتاح لرؤية الدبابة أو لرؤية “الرانجارس” أو القبعة العسكرية، كما قال المرحوم مهري؟ وما هي الأسباب التي أدت إلى هذا التغيير الجوهري في علاقة الجيش الوطني الشعبي بالشعب؟ هل فعلا نتائج العشرية الحمراء التي تحمّل الجيش أعباءها لوحده تقريبا هي المسؤولة عن تغير نظرة الشعب إلى الجيش... أم أن هناك أسبابا أخرى أدت إلى تدهور هذه العلاقة؟!1 - قد تكون العمليات الإعلامية الزائدة عن المألوف التي تخص نشاط القوات المسلحة في السنوات الأخيرة هي السبب في تبدل نظرة الشعب إلى جيشه سلبيا.. فقد لاحظ الجزائريون في السنوات الأخيرة تركيزا على النشاط الحكومي والرئاسي... ومس الأمر حتى عمليات الإعلان عن أنشطة داخلية للجيش ما كانت لتنشر إعلاميا... لأنه لم نشاهد جيوش فرنسا أو أمريكا أو حتى روسيا تقوم بعمليات للإعلان عن أنشطة جيوشها في التدريبات الداخلية... رغم أن الجيش الجزائري لا يقوم بالتدريبات الكافية مثل ما تقوم به هذه الجيوش في الدول الأخرى... فلماذا لا يتم الإعلان عن التدريبات في الجيوش الأخرى ويعلن عنها في الجزائر؟التفسير الوحيد المقبول عقلا ونقلا هو أن الجيش بهذا النشاط الإعلامي الزائد عن العادي يهدف إلى ملء فراغ سياسي رهيب في المؤسسات المدنية كالحكومة والأحزاب وجمعيات المجتمع المدني، لهذا زاد اهتمام الشعب بالجيش على غير العادة وأصبح الجيش في دائرة الضوء للرأي العام، فكانت النتيجة هذا الاهتمام الزائد بالجيش، ولكن في الخانة السلبية، وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي.2 - في السنوات الأخيرة، لاحظ الرأي العام أن هناك زيادة غير مبررة في الحديث عن الفساد في المؤسسة العسكرية... فأصبح المحتالون يتقمصون صفة الضباط للاحتيال على الشعب، وقد تكررت هذه الحوادث مرارا، فلم نسمع أن محتالا تقمص صفة وزير أو رئيس أو مدير أو نائب أو حتى واليا أو رئيس دائرة! هذه الظاهرة هي التي جعلت الجيش في عين الإعصار على صفحات التواصل الاجتماعي، فهل كان هذا أمرا مقصودا أم مجرد خطأ إعلامي؟! وما مدى خطورة هذا الأمر على أمن واستقرار البلاد؟! وما مدى مسؤولية السلطة المدنية والعسكرية في هذا الأمر الخطير؟لماذا لم يتم معالجة المسائل المتعلقة بالمخالفات داخل المؤسسة العسكرية في نطاق النظام الداخلي للجيش وعمد إلى نشر ذلك للرأي العام؟! ما الهدف السياسي والعسكري من ذلك؟! لقد كان الضابط في الجيش في الستينات والسبعينات بمثابة الملاك في نظر الشعب... كان يضع قبعته في مؤخرة سيارة ويتركها مفتوحة والشعب يحرسها... فأصبح اليوم يتحاشى العسكري الخروج بالبذلة العسكرية إلى الشارع؟! فالأمر لا يتعلق بعناصر الجيش وحده بل يتعلق بأمن واستقرار البلاد.. لو كانوا يدركون؟!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات