+ -

عندما قرأت مقال اللواء المتقاعد علي غديري في صحيفة “الخبر” قبل أيام، أحسست بضرورة أن أطلع على المحتوى الأصلي للمقال في صحيفة “الوطن”، لأن ذلك المحتوى المنشور لم يكن عاديا.. ولكن محتوى المقال الذي نشره سي علي يوم الثلاثاء الماضي كان نقلة نوعية أخرى في مستوى ونوعية فهم الرجل لأزمة البلاد القائمة.أصدقكم القول إنني ذهلت من محتوى ومستوى ما كتبه... ورحت أسأل هل حقا أن الجيش الوطني الشعبي يوجد بين صفوفه أمثال هؤلاء؟! لأنني كنت أعتقد أن أمثال علي غديري قد انقرضوا من الحياة العامة فما بالك بالحياة الخاصة في الجيش.! هل فعلا يوجد في الجيش وفي الساسة المدنيين الذين يحكمون البلد من باستطاعته أن ينتج مثل هذه الجملة..”...هذه الجمهورية تحتاج إلى إعادة تأسيس شامل وصياغة مؤسساتية ناتجة عن مشروع مجتمع يكون الشعب قد شارك في تعريف فلسفته وتجسيدها.. إنها مسألة إعادة صياغة الدولة القومية لترشيد دورها وجعل سير المؤسسات فيها ديمقراطيا حقا”!لا أعتقد أنه يوجد في الطبقة السياسية والعسكرية التي طفت على سطح السياسة الوطنية في ربع القرن الأخير من باستطاعته أن ينتج مثل هذا الفهم... إذا استثنينا بالطبع المرحومين مهري وآيت أحمد.أنا من أنصار الفكرة التي دار حولها مقال اللواء علي غديري، وهي أن جيل نوفمبر حرر البلاد ونجح في ذلك أيما نجاح... لكنه أخفق في بناء وطن حر يجسد فكرة الحرية التي استشهدت من أجلها قوافل الشهداء عبر 200 سنة من الكفاح الوطني المتعدد الأشكال... والسبب في هذا الفشل لا يتحمله جيل نوفمبر وحده بل يتحمله جيل ما بعد الاستقلال والذي لم يكن في مستوى جيل نوفمبر! فلو كان جيل الاستقلال يعشق الحرية كجيل نوفمبر لكان قد قام بإحالة جيل نوفمبر على المعاش في الـ20 سنة الأولى للاستقلال مثلما فعل جيل نوفمبر بجيل الحركة الوطنية في الخمسينيات وحرر البلاد.!أهمية ما كتبه اللواء علي غديري هو أنه يعتقد أن الوقت لم يفت بعد جيل الاستقلال لإنجاز هذه المهمة، وأن ذلك سيكون رائعا إذا ساعده بقايا جيل نوفمبر في السلطة على إنجاز هذه المهمة قبل فوات الأوان.أحس في نبرة كلمات وجمل سي علي أن البلاد في حاجة إلى نوفمبر جديد ينجز بطريقة أخرى، لأن بيان نوفمبر التحرير لم يعد كافيا لصياغة متطلبات الدولة القومية الحديثة... والدليل هو أن هناك 60 حزبا سياسيا مرجعيتها بيان أول نوفمبر... ولكن ولا حزب واحد منها قادر على صياغة برنامج للدولة الجزائرية الحديثة..! وهذا دليل على أن بيان أول نوفمبر لم يف بالغرض السياسي التنظيمي المؤسساتي المطلوب لبناء الدولة الحديثة.لهذا، فإن فكرة إعادة صياغة مؤسسات الدولة الحديثة القومية هي عين الصواب في معالجة حاضر ومستقبل البلاد. فشكرا لك يا سي علي وكثر الله من أمثالك خدمة للوطن[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات