ما يجري في أروقة العدالة من مهازل هذه الأيام لا يختلف عما يجري وجرى من مهازل مضحكة في المؤسسة التشريعية.. البرلمان!شيء مؤسف حين نسمع وزير العدل يثمّن منجزات “السلطة القضائية” بالقول إنها أنجزت عملا جليلا للوطن، حين قامت بتصحيح مليون خطأ في الحالة المدنية أنجزته السلطة التنفيذية ضد المواطنين، وقدمته الحكومة ووزارة الداخلية على أنه منجزات برنامج رئيس الجمهورية!ترى لماذا لم يتحرك القضاء من تلقاء نفسه لقمع هذا الفساد في إدارة السلطة التنفيذية، والذي وصل إلى الملايين! ولماذا لم تتحرك السلطة التشريعية ومساءلة السلطة التنفيذية عما تفعل بالمواطنين بهذه الأخطاء الكارثية؟!وزير العدل قدم لنا الحلقة الثالثة في الثالوث المعطل لمؤسسات الدولة، السلطة التنفيذية معطلة منذ سنوات... مجلس الوزراء، المؤسسة الوحيدة التي يعطيها الدستور صلاحيات اتخاذ القرارات الحاسمة، لم يعد يجتمع إلا نادرا، وكل القرارات إما معطلة أو تتخذ خارج المكان الطبيعي الدستوري لها وهي مجلس الوزراء..! حتى صار اجتماع مجلس الوزراء بمثابة الحدث الوطني الفصلي أو السنوي... مع أن مؤسسة مجلس الوزراء كانت دائما تجتمع إما أسبوعيا أو كل نصف شهر على الأبعد.لهذا أصبحنا نسمع بقرارات لا نعرف مصدرها ولا كيف اتخذت ومن اتخذها.. وأصبحنا نرى وزراء يعينون لساعات وحكومة تعيش لأسابيع... وقرارات تتخذ وتلغى بقرارات أخرى في نفس اليوم أو الأسبوع أو الشهر... ولا أحد يسأل من اتخذها ومن ألغاها؟!حتى الهيئة التشريعية انتقلت من حالة غرفة تسجيل إلى حالة تجمع نقابي للمستفيدين من تعاونية البرلمان للاستفادات الخاصة والمنافع الحصرية! ووصل الأمر إلى أن بعض أشباه النواب يغلقون المؤسسة بـ"الكادنة” احتجاجا على بوحجة الذي قيل إنه مس بالمصالح المادية لهؤلاء النواب... تماما مثلما أغلق عميان وحدة إنتاج المكانس بالحراش ذات يوم، احتجاجا على وقف الدولة دعم الوحدة بالأموال؟!حتى مجلس الحكومة لا يجتمع بسبب الخلافات بين الوزراء والوزير الأول... وإذا اجتمع فليس له الصلاحيات لاتخاذ القرارات، وإذا اتخذت القرارات فإنها لا تنفذ حتى تمر على العلبة السوداء في رئاسة الجمهورية.إذن مجلس الوزراء معطل للأسباب المعروفة، والعدالة كسلطة قضائية معطلة وتتحرك في الهوامش، كما ذكر وزير العدل... والسلطة التشريعية مغلقة بـ"الكادنة”... والبلاد أصبحت بلا سلطة وبلا مؤسسات لا دستورية ولا شبه دستورية، والجميع يتحدث عن الاستمرارية في هذا الوضع الغريب... ولا أمل في خلاص يلوح في الأفق سوى ازدياد “دنك” الحياة وامتلاء السجون بالمظلومين وتزايد قمع الاحتجاجات بواسطة القوة العمومية وليس القوة السياسية.. إنه فعلا القفز في المجهول[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات