ما يحدث في البرلمان من مهازل لا يمس بسمعة هذه المؤسسة وحدها بل يضرب في العمق النظام التأسيسي الوطني الذي وضعه برلمان ”الحفافات” وكتّاب الرئيس! الأمر لا يعد فشلا للبرلمان وأشباه النواب، بل يعد أيضا فشلا ذريعا للترتيبات الدستورية التي وضعها التعديل الدستوري الذي حدث قبل سنتين.هذه صورة من الصور البائسة للترتيبات الدستورية التي وضعت في التعديل الأخير للدستور والمتعلقة بوضع المؤسسات الدستورية في خدمة الأحزاب أو حتى أشباه الأحزاب بإعادة الخلط بين الحزب الحاكم الذي يرأسه الرئيس والمؤسسات الدستورية.السماح لرئيس حزب بأن يتدخل في تعيين أو إقالة رئيس البرلمان أو الحكومة يعد نقيصة دستورية جاء بها دستور برلمان ”الحفافات”، بالإضافة إلى مصادرة حق النائب في تبديل قناعاته السياسية إذا انحرف حزبه، في حكاية منع التجوال السياسي دستوريا.الآن أصبحت المؤسسة البرلمانية رهينة لنزوات قيادة أحزاب التحالف، فهل تتذكرون عندما قال ولد عباس بأن ”الأفالان هي الدولة الجزائرية”، ولا أحد وضعه عند حده، فها هي الأفالان تتحول فعلا إلى دولة تخضع لها المؤسسات الدستورية حتى خارج القانون.حزب الأفالان والأرندي إما أن يفعلا ما يريدان بالبرلمان أو يغلقان بالسلاسل.. ولاتهم الشرعية والقانون أو الدستور، مادامت إرادة الواقع الذي أراده الحزبان يعلو فوق الدستور والقانون.. والواقع الذي خلقوه برعونة يقول إن بوحجة لا يمكنه تسيير البرلمان مادام أغلبية النواب في عداء له، وأن الحزبين لا يمكنهما نقل الشرعية من بوحجة إلى غيره ما لم يستقل بوحجة، وأن من يعين من طرف أحزاب البؤس السياسي في البرلمان سيكون غير شرعي ولن يبلغ حتى درجة التيس المستعار في حكاية إعادة شرعية الزوجة بعد الطلاق بالثلاث!الطريف في الأمر أن الأفالان ترشح لخلافة بوحجة في هذه المضحكة السياسية ثلاثة أسماء تدل على مطابقة الأسماء لمقتضى الحال كما يقول علماء البلاغة. جلاب أو معاذ أو العايب!جلاب، لأن حال النواب في برلمان ما بعد ”الحفافات” تشبه حال القطيع الذي يساق بـ«جواق” من رئيس الحكومة أو بـ«جواق” من ولد عباس، مع بندرة زندارية من الرئاسة، ومعاذ، لأن نواب العار السياسي الحاصل في البرلمان لا يقوم به غير الشياطين ولهذا يتطلب تعويذة، والعياذ بالله، والعايب لأن البرلمان مصاب الآن بالسكتة الدماغية ويلزمه هو لينسجم معه سياسيا في الشلل التام.ما يحدث في الجزائر من شغور هو نفسه ما حدث في نظام مبارك قبل سقوطه! عبث بالمؤسسات وتجاوز من استخدام السلطة، وعبث بملفات الأمن، وفساد في البرلمان، وعداء شعبي للنظام لم يسبق له مثيل في مصر.. فهل يعيد التاريخ المصري نفسه في الجزائر؟ الله يستر الجزائر[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات