في الأربعينات والخمسينات كان مناضلو الحركة الوطنية يرددون الأناشيد الوطنية المنددة بالسجون والمعتقلات والمنافي التي يقيمها الاستعمار لقهر الشعب في المطالبة بحريته... فكنا صغارا في الكتاتيب القرآنية ننشد مع الثوار الأناشيد المضادة للسجون دون أن نعرف معناها في ذلك الوقت... ومنها نشيد “يا الله يا شجعان... وأهل الإيمان نحطمو لامبيز ونزيدو البرواڤية”!واليوم بعد 50 سنة من الاستقلال نسمع أن الدولة الجزائرية المستقلة بنت أكثر من 55 سجنا بمقاييس عالمية خلال الثلاثين سنة الأخيرة، مضافة إلى حوالي 50 سجنا ورثناها عن الاستعمار!وبالأمس فقط سمعنا أن بلادنا ستنجز 81 سجنا آخر في السنوات القادمة بمقاييس عالمية للسجون! وقد يصل عدد السجون بمقاييس عالمية في الجزائر إلى حوالي 200 سجن، ونكون بذلك أول بلد في إفريقيا من حيث احترام حقوق الإنسان في سجن الناس في سجون 5 نجوم! وننشد: يا الله يا شجعان نشيدو لامبيز ونزيدو البرواڤية!شيء جميل أن تكون بلادنا الأولى في إفريقيا في نوعية السجون وعددها، والأخيرة في الجامعات والمستشفيات والعيادات الطبية!بلادنا تبني المساجد من قوت الشعب وعلى حساب عمله وصحته، وتشجع بلادنا التدهور الأخلاقي في التعليم... وينجر عنه ارتكاب جرائم تشيّد لها السجون بمقاييس عالمية. ترتكب السلطة المظالم السياسية وتصادر الحقوق والحريات، وتواجه السلطة الاحتجاجات الناجمة عن مصادرة الحرية بالسجون ذات المستوى العالمي الذي تتطلبه لوائح حقوق الإنسان!سجون الجزائر المشيّدة حديثا أحسن بكثير من الجامعات والمعاهد العليا! قارنوا بين السجون الستة المتواجدة في ولاية تبسة، على سبيل المثال، وبين الجامعة الوحيدة الموجودة بهذه الولاية! افعلوا ذلك وأنتم تعرفون العقل المتقد ذكاء الذي تسيّر به هذه السلطة البلاد!في بعض الأحيان أصاب بهستيريا البكاء، عندما أسمع مثلا أن نسبة الناجحين في شهادة البكالوريا في السجون أعلى من نسبة الناجحين في نفس الشهادة بولاية محرومة وتنتج للبلاد 90% من مداخيلها من العملة الصعبة!ألا يحس المواطن السوي أن البلاد وشبيبة البلاد في حاجة لإعادة إنشاد نشيد الحركة الوطنية المعادي لتشييد السجون في الثلاثينات والأربعينات؟! أم أن رمي الشباب لنفسه في البحر هربا من السجون هو الحل؟!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات