كيفما تكون نتائج ”العركة” الحاصلة في البرلمان فإن أضرارها على البلد والنظام، والرئيس تحديدا، أكبر من أضرارها على الذين أشعلوا هذه العركة، سواء بغرض خدمة الرئيس أو الإساءة إليه.1- إذا انتصر الرئيس للجماعة التي أشعلت الفتنة وقام بعزل بوحجة تحت ذريعة الحفاظ على مؤسسات الدولة أو حتى الإقدام على حل البرلمان، ففي الحالتين يكون الرئيس هو المتضرر الأكبر من هذا الأمر، كونه يرأس الحزب الذي أحدث هذه الكارثة في مؤسسات الدولة، سواء تقوّل عليه المتقوّلون وانتحلوا صفته للقيام بما قاموا به. وأول تساؤل يطرح على الرئيس في هذا المجال هو كيف وصل الحال إلى استخدام النواب بعرائض موقعة لتنحية رئيس مؤسسة دستورية؟ فهذه في حد ذاتها علاقة ضعف وليس علاقة قوة! خاصة أن رئيس هذه المؤسسة الدستورية الرئيس هو الذي عينه بإيعاز لهؤلاء الذين يوقعون اليوم عريضة تنحية بوحجة.2- إذا انتصر الرئيس لبوحجة وأبقاه في مكانه على حساب هؤلاء الذين تحركوا ضد بوحجة فإن المتضرر الأكبر هو الرئيس أيضا. إذ كيف يقوم نواب حزب له الأغلبية في البرلمان ويرأسه الرئيس بالتشويش على مؤسسة دستورية بحجم البرلمان بهذه الصورة التعيسة؟ إذا تم ذلك بعلم الرئيس أو دون علمه ففي الحالتين كارثة، كيف يتصرف الحواريون دون علم الرئيس؟ وكيف يتصرف ولد عباس باسم رئيس الحزب بهذا التصرف الشائن؟ وإذا كان ولد عباس وجماعة البرلمان ضللوا محيط الرئيس والرئيس في أمر كهذا وصل إلى حد العصف بمؤسسة حيوية، فمن يضمن أن الذين يسيرون البلد باسم الرئيس في دواليب الدولة لا يرتكبون كوارث ألعن من هذه؟ وهل الرئيس يمكن أن يتخذ مثل هذا القرار دون أن يحسب عواقبه، وحتى لو أن الرئيس عنده نية في حل البرلمان فأمامه ألف طريقة وطريقة مشرفة لحله دون أن يعمد إلى مثل هذه الحالة المهينة له وليس لنواب حزبه وحزبه والبلد ككل.صحيح أن هذا البرلمانَ منقوصَ الشرعية، حتى لا نقول منعدم الشرعية، هو في الواقع برلمان مجمد، ولا يحتاج المجمد إلى تجميد، ولكن الدفع إلى تجميد البرلمان باسم الرئيس هو في حد ذاته كارثة دستورية لا يمكن أن يرتكبها الرئيس الذي حلف على المصحف بأن يحمي الدستور ومؤسسات الجمهورية. النتيجة في جميع حالات الأزمة إضعاف للرئيس وليس لبوحجة والبرلمان وحدهما.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات