نظامنا المالي والسياسي والإداري بيئة مناسبة لممارسة الفساد، هل يصدق العالم ما يحدث في الجزائر حين يسمع بأن الحكومة الجزائرية تقدم للبرلمان حصيلة الحسابات لتنفيذ قانون المالية متأخرة بسنتين كاملتين...! هذه المدة في دول أخرى هي نصف مدة لعهدة رئاسية كاملة في الولايات المتحدة مثلا.النظام المالي الوطني يشجع على التسيب والفساد... لأن بعض الوزراء لا يبقون في مناصبهم عندنا أكثر من سنة... وبالتالي فهم لا يحاسبون عما يفعلون وقت الفعل... بل يحاسبون عما فعلوا عندما يكونون في بيوتهم، ولذلك يكون الإبعاد في حد ذاته محاسبة، لهذا تطورت عندنا نظرية العقوبة بالإبعاد وليس العقوبة عن الفعل في وقته. فأصبح السراق في مأمن من الحساب، وأقصى ما يمكن أن يتعرضوا له هو الإبعاد من المنصب!النظام المالي في بريطانيا أو فرنسا في المالية العمومية يقدم كل يوم الحصيلة، وفي الحال، وقبل منتصف الليل من كل يوم، ولا يبيت الموظف المالي ليلته إلا وهو بريء الذمة، سواء كان آمرا بالصرف عموميا أو موظفا في البنك.. لهذا لا توجد سرقات كبرى كما يحدث عندنا...التخلف المالي عندنا ليس في كيفية تسيير النظام المالي العمومي ونظام البنوك والخزينة العامة وخزائن الوزارات، بل التخلف يوجد في الحكومة!كلكم تشاهدون مجلس الوزراء في الجزائر مازال يجتمع، وأمام الوزراء والرئيس أكوام من الورق.. مجلس الوزراء لا يستخدم الإعلام الآلي حتى الآن، ويستخدم التقارير المكتوبة كما كان الحال قبل الثورة التكنولوجية! لهذا يتأخر الأداء المالي عامين كاملين في تقديم الحسابات.فالأمر إذن لا يتعلق بعصرنة النظام المالي الوطني فحسب، بل يتعلق أيضا بعصرنة الحكومة في حد ذاتها.. فالجهاز الحكومي الذي لا يقدم الحساب عما يفعل لمجلس الوزراء في وقته، ولا يقدم الحساب للبرلمان في وقته ويقدمه متأخرا بنصف عهدة كاملة أو يقدمه مملوءا بالأخطاء الحسابية، كما حصل في العام الماضي ويحصل الآن... هذا الوضع هو الذي يؤدي إلى انتعاش الفساد وتطوره في مأمن من الرقابة[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات