لا أحد تساءل: لماذا لم يتمكن متقاعدو الجيش والأطباء من إيصال صوتهم إلى من بيده القرار لحل قضيتهم...؟!الأمر لا يتعلق “بضخامة” مطالب هؤلاء أو حتى بالإدعاء بأن مطالبهم غير مؤسسة، بل يتعلق أساسا بوجود قضيتهم في رواق مؤسستين من مؤسسات السيادة، وهما وزارة الدفاع والرئاسة.قضية متقاعدي الجيش تتطلب إصدار مرسوم من وزارة الدفاع يمضيه الرئيس.. وقضية الأطباء أيضا تتطلب إصدار مرسوم من وزارة الدفاع يوقعه الرئيس فيما يخص مطلب الخدمة الوطنية، ولما جاءت هذه المطالب في ظرف فيه توترات، فإن قضية مطالب هؤلاء المحتجين رغم شرعيتها تحولت إلى شيء من الاستخدام السياسوي بين المؤسستين... وتعطلت مصالح هؤلاء في غمرة هذا الخلاف الصامت والمعلن في نفس الوقت.الأطباء ومتقاعدو الجيش ارتكبوا أيضا أخطاء في تسيير قضيتهم، فرغم قوة تنظيمهم ووضوح مطالبهم وتعاطف الشعب معهم، فإنهم أخرجوا قضيتهم من دائرة المطالب المهنية الاجتماعية رغم بقائهم سنوات وهم يناضلون تحت هذا الشعار.. وكان عليهم أن يطوّروا مطالبهم ويصعّدوا من احتجاجهم، ليس في سياق ما يقومون به في مهنتهم وتنظيمهم، بل كان عليهم أن يحوّلوا مطالبهم المهنية غير المستجاب لها إلى مطالب سياسية! فلو طوّر هؤلاء مطالبهم من المهنية إلى السياسية لاضطر الذين يتصارعون بقضيتهم على مستويات عليا إلى الإسراع لحل المشكلة.. وهو تصعيد سياسي مقبول ومشروع!تتذكرون أن الحركة المطلبية المهنية المتصلة بالبطالة التي فجرها البوعزيزي في تونس، كانت من البداية محل استهزاء من طرف الحكومة والسلطات العليا لبن علي... ولكنها عندما تطورت إلى مطالب سياسية، رأينا كيف نزل بن علي بنفسه إلى الميدان وتحاور مع المحتجين. وحتى عندنا تتذكرون كيف عالجت الحكومة بالسرعة المطلوبة قضية الزيت والسكر، عندما تحولت إلى مطالب سياسية كادت أن تحدث الربيع العربي في الجزائر... تطوير المطالب المهنية إلى سياسية هو الحل لهذه المعضلة، وبؤس الأحزاب السياسية في الساحة الوطنية لا يعني بؤس ممارسة السياسة من طرف الآخرين.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات