من له “نيف” وطني وأنف سليم من فيروسات “الشيتة” والجبن والانتهازية السياسية والحڤرة والرداءة... لابد أن يشم روائح كريهة مما حدث في حكاية الكوكايين وحكاية الكوليرا وحكاية “البوشي” وحكاية التغييرات التي أحدثتها السلطة في القيادات العليا للمؤسسات الأمنية والعسكرية في البلاد..لا نقول إن ما حدث لجنرالات الصف الأول في الجيش في المدة الأخيرة لا يستحقونه، فهم يستحقون أكثر من هذا.. لأنهم هم من ساهم في تشييد هذا النظام الذي “يظلمهم” اليوم... لكن مع ذلك، فإن كل إنسان سوي يحترم محاسبة الناس على أفعالهم في إطار العدالة، لابد أن يستغرب ما يحدث خارج العدالة والقانون، أو على الأقل خارج رقابة الرأي العام لأداء العدالة والتحقيقات المتصلة بها.هل من العدل أن يتم اقتحام بيت لواء من ألوية الجيش في الصف الأول، كانت قيادة البلاد منذ أيام تشيد بأدائه في حماية الحدود من الخطر الداهم؟!حتى فرضية الانتقام وتصفية الحسابات بين الزمر لا يمكن أن نتصورها بهذه المأساة... هذه التصرفات لا تقرها القوانين ولا أخلاق مجتمعنا ولا حتى ممارسات مؤسسات نظامنا الأمني والسياسي على تعاسته؟!مدير أمن ولاية الجزائر السابق الذي أبعد من منصبه بطريقة مؤسفة وهو يحمل في وجهه آثار الرصاص من أيام العشرية الحمراء... حيث كان الذين أبعدوه بالطريقة المشينة يتفرجون على ما يحدث كما يتفرج المثليون على أفلام الخلاعة! أنا لا تربطني أي علاقة بهذا المُبعد ولا أعرف شيئا عما فعله حتى يُبعد بهذه الطريقة... ولكنني أعرف من أبعدوه جيدا، وكان من المصلحة أن انحاز إليهم وليس إليه.. ولكن الحق حق والظلم ظلمات، وأنا تربيت على قول الحق مهما كان قاسيا ومرا.هذا الرجل أبعد من منصبه لأن رئيسه الجديد على خلاف شخصي معه، يتعلق الخلاف بواحدة من عائلة رئيسه حولت فيلتها المطلة على البحر بتامنفوست إلى فيلا مطلة على البحر وأخذت شاطئا وحولته بالأسوار التي بنتها إلى شاطئ خاص... وأمرت الولاية بهدمه، ونفذت الشرطة الأمر.. هذا هو الخطأ الأول. والخطأ الثاني هو أن المعنية ضُبطت وهي تسير بسيارتها الفخمة فوق خط الترامواي، فأوقفتها الشرطة. ونفس القضية تمت مع شرطي في الأبيار دهسته بسيارتها ولم يطبق عليها القانون.أسوق هذه الأمثلة ليس للتشهير بالناس أو تبييض الناس مما فعلوا، لكن أسوق هذا لأدلل على أن ربط الإبعاد من الوظائف بالفساد دون الذهاب إلى العدالة معناه فتح المجال إلى تصفية الحسابات لأسباب أخرى باسم الفساد.. لكن مع ذلك، هؤلاء الذين يروعون اليوم باسم الفساد يستحقون ما يحدث لهم لأنهم شيّدوا نظاما هذا ديدنه، وهم أيضا قد يكونون فعلوا بغيرهم ما يُفعل بهم اليوم خارج القانون والعدالة وخارج حتى الأخلاق.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات