الآن بدأ فصل آخر من مسرحية العبث بالتاريخ الاستعماري في الجزائر، عبر مسرحية رفع الحظر عن الأرشيف الاستعماري الفرنسي في الجزائر..بدأت ملامح العبث بالتاريخ من خلال توجه الحكومة الفرنسية إلى رفع الحظر عن الوثائق السرية للوجود الاستعماري الفرنسي في الجزائر بصورة انتقائية.شيء جيد أن يعرف الجزائريون حقيقة ما وقع للشاب الطالب موريس أودان، الذي يحمل اسمه أهم ساحة في قلب العاصمة. ولكن الجيد أيضا أن يعرف الجيل الجديد للشباب الجزائري كل شيء عن زميلهم طالب عبد الرحمن الذي كان مصيره نفس مصير أودان! ولكن الجزائر المستقلة أطلقت اسم أودان على أهم ساحة في الجزائر قرب الجامعة، في حين اكتفت بإطلاق اسم طالب عبد الرحمن على مقهى قرب هذه الساحة؟! لماذا المفاضلة بين هؤلاء الشهداء؟!جيد أن تكشف لنا السلطات الفرنسية الظروف التي تم فيها اختطاف واغتيال موريس أودان... ولكن لماذا لا تكمل فرنسا جميلها وتخبرنا عن ظروف اختطاف الشهيد العربي التبسي من بيته من طرف المظليين وقتله، ونحن حتى الآن لا نعرف مع عائلته قبره وظروف اغتياله؟!لماذا لا تدلنا فرنسا على رفاته؟ لماذا لا تدلنا فرنسا على رفات علي بومنجل وقاسم زيدور ورضا حوحو وحمو بوتليليس وغيرهم كثير!قاسم زيدور الذي لا نعرف له قبرا كان أحد القواسم الثلاثة: قاسم زيدور وقاسم روزيق وقاسم مولود...! تماما مثلما كان يقابلهم الجميلات الثلاث... جميلة بوباشا وجميلة بوعزة وجميلة بوحيرد.نعم.. المفاضلة بين الشهداء لا تجوز، حسب ما قال لي الشهيد الراحل عبد الوهاب بن بوالعيد، رحمه الله، قبل أن يغتال في “لاڤار عمار” بأيام، عندما كتبت أقارن بين إطلاق اسم بن بوالعيد مصطفى، الأب الروحي للثورة، على نصف شارع في العاصمة هو شبه جسر، وبين إطلاق اسم غيره من الشهداء أقل منه وزنا في الثورة على شوارع كبرى في العاصمة والمدن الأخرى.. حتى أن شارع شيغيفارا في الجزائر كان أهم من شارع بن بوالعيد؟! ألم تكن هذه المفاضلة عملية مقصودة؟!هذا التزوير المادي للتاريخ قد تواصله فرنسا من خلال الإعلان عن وثائق مزورة قد تجعل من مجاهدين كبار خونة وتجعل من حركى كبار مجاهدين.. وقد بدأت إرهاصات هذا التزوير تظهر من خلال قول دحو ولد قابلية “المالغي”: إن الثورة كانت تتعامل مع حركى في صفوف العدو.قد يكون هذا صحيحا.. لكن كان ذلك في حالات محددة ومحدودة، ولا يمكن أن يكون ظاهرة عامة، لهذا ينبغي أن نحترس من هذا الأمر حتى لا تتعرض البلاد إلى تزوير جديد للتاريخ ينسينا مآسي الاستعمار.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات