الوضع الإعلامي في الجزائر مر بعدة مراحل مؤسفة، ففي التسعينات كانت الصحف الخاصة حديثة النشأة تفتقر إلى المهنية والكفاءة وتفتقر إلى المال ومنطق المؤسسة الإعلامية، لهذا كانت الصحف الخاصة ضحية للصراع السياسي الدامي بين التيار الإسلامي وبين المستبدين في السلطة، ودفعت الصحافة أكثر من 70 صحفيا في معركة ليست هي طرفا فيها، بل هي ساحة لهذه المعركة.وفي العشرينية الأخيرة، تعرضت الظاهرة الصحفية الى عملية تصفية عجيبة وغريبة، بدأت بإلحاق الصحافة بالعملة، حيث تم تعويم الصحف بميلاد أكثر من 100 صحيفة جديدة ليس لها من صفة الصحيفة سوى تحويل المال العام إلى هذه الصحف الوهمية.وبعد حلول الأزمة الاقتصادية، كانت هذه الصحف هي الضحية الأولى، وبعدها ظهرت حكاية تعويم السمعي البصري ومنصات التواصل الاجتماعي بواسطة قنوات خاصة ليس لها من صفة القنوات سوى تحويل المال العام والخاص والأخبار بهذه القنوات بطريقة التراباندو الإعلامي الذي يشبه التراباندو الاقتصادي الحاصل في البلاد.الآن.. ظهرت حكاية الإعلام بمحطات التواصل الاجتماعي، وهنا ظهرت ممارسات أخرى ألعن من الممارسات الإعلامية التي جرت في الصحافة المكتوبة في قنوات الفساد في السمعي البصري، وظهور إعلام الطاكسفون والفليكسي ”تحط يمشي”! الآن العديد من المسؤولين يقومون بتغذية أشخاص في الخارج بأخبار بعضها فيه الصحة وبعضه يحمل الرائحة النتنة لتصفية الحسابات بين الزمر السياسية المتصارعة حول السلطة وبالسلطة على امتيازات ومنافع السلطة، ولا يحتاج الإعلامي الفطن إلى كبير عناء ليعرف أن ما ينشر من معلومات على لسان أشخاص في مواقع التواصل الاجتماعي تخص تعرية النظام لنفسه هو في النهاية عبارة عن الجزء الظاهر من جبل الثلج في الصراع الدائر في سرايا الحكم. هناك مسؤولون فاسدون يقومون بتسريب هذه المعلومات للقائمين على هذه المواقع، تماما مثلما كان يحدث في الصحافة في التسعينات، وحدث في قنوات السمعي البصري الخاصة في الـ20 سنة الأخيرة، حيث تحولت مواقع التواصل الاجتماعي الى منصات لتصفية الحسابات بين الزمر في السلطة بواسطة الفضائح المسربة ومدفوعة الثمن لنشرها في هذا الموقع أو ذاك، ولا يحتاج المرء إلى كبير عناء ليعرف من هو الذي يسرب هذه الأخبار وما هو الغرض من ورائها، خاصة عندما نعرف بأن من يسرب الأخبار يدفع أيضا ثمن نشرها في المواقع.شيء واحد إيجابي في هذه العملية القذرة هو أن الشعب أصبح يعرف ”خرايب” النظام عبر رجال النظام أنفسهم، عندما تحول هذا الصراع إلى منصات التواصل الاجتماعي، ويمكن أن يتحول هذا الوضع إلى حالة إيجابية أكثر إذا انتقل الأمر من التشهير بالفضائح إلى التنظيم والتسييس.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات