سياسيا نحن الآن في صائفة 1962.. اتفاق شبه كامل بين كل الفرقاء السياسيين على البرنامج السياسي، واختلاف بين الجميع إلى حد العداوة بين السياسيين على من يقود تنفيذ هذا البرنامج، تماما مثلما حدث في جوان 1962 حين اتفق الثوار بالإجماع على برنامج طرابلس ولكنهم اختلفوا حول من يقود عملية تنفيذ هذا البرنامج. اتفقوا حول الاشتراكية كنظام لتسيير دولة الجزائر المستقلة، واختلفوا كاشتراكيين على من يتولى تنفيذ الاشتراكية.في أول حكومة للجزائر المستقلة تحولت جبهة التحرير إلى حزب اشتراكي بقيادة بن بلة، وأنشأ بوضياف حزب (P.R.S) وأنشأ آيت أحمد حزبا اشتراكيا آخر هو (F.F.S).. نعم اتفقوا على البرنامج واختلفوا حول من يجلس فوق الكرسي القيادي لتنفيذ هذا البرنامج، تماما مثلما يحدث اليوم.الرئيس بوتفليقة يدعو إلى تكوين جبهة وطنية واسعة لمحاربة الفساد وإصلاح البلاد لأن الجبهة التي يترأسها لم تعد كافية لإنجاز هذا البرنامج!والأفافاس هو الآخر طرح قبل سنوات مبادرة اسمها مبادرة الإجماع الوطني وطاف بها كل أروقة الأحزاب السياسية والسلطة، ولم يسمع له أحد، فدفنت المبادرة لأن الأفافاس هو صاحبها، وعاد بوتفليقة ليحييها باسم حزبه مؤخرا بعد ضياع سنوات كاملة.حمس أيضا رفضت مبادرة الأفافاس قبل سنوات، وهاهي اليوم تطرح المبادرة نفسها تحت مسمى آخر هو ”التوافق الوطني”! كل ذلك لأن حمس لا تريد أن تسير خلف الأفافاس أو الأفالان أو الأرندي حتى لو كان البرنامج الذي يطرحه أحدهم هو نفس البرنامج الذي تطرحه حمس، ومعنى هذا الكلام أن الأمر لا يتعلق بالبرنامج وإنما يتعلق بمن يقود تنفيذ هذا البرنامج، أي أن الأمر يتعلق بالبحث عن الكرسي في الحكم وليس البحث عن الحكم لتنفيذ برنامج!ومن هنا فإن المشكل نفسه بقي مطروحا منذ 1962 والجميع يرفض حله بالعودة المشروعة إلى صاحب الشرعية وهو الشعب لإعطاء الشرعية لمن يحكم باسم الشعب، لأن هؤلاء جميعا يخافون من سلطة الشعب في حالة العودة إليه أن يمنح الكرسي والسلطة إلى غير هؤلاء الذين يتصارعون ببرنامج واحد على الكرسي الواحد منذ 1962.عامل جديد ظهر هذه الأيام هو أن المؤسسة العسكرية عمدت إلى تنظيف نفسها بروح الملح في عملية لافتة للانتباه، وكأنها تحضر نفسها لتجاوز هؤلاء الدمى السياسية المتصارعة على ”سترابنتان” في قاعة سينما السياسة، وقد تقوم المؤسسة العسكرية برمي الجميع في مزبلة السياسة مع جلود كبش العيد[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات