زيادة وتائر الفساد في أجهزة الدولة في الأشهر الأخيرة بصورة لافتة لا تدل على تفكك جهاز الرقابة الوطني فقط، بل تدل أيضا على أن المسؤولين النافذين في البلاد تأكدوا من وصول الأمور في تسيير البلاد إلى طريق مسدود، وأن الحل الوحيد لهذه العضلة هو إحداث التغيير الذي يمكن البلاد من تجاوز ما هي فيه من محن، ولهذا أصبح المسؤولون يتصرفون مع المال العام بعقلية ”انهب قبل أن تذهب)! ولهذا زادت وتيرة الفساد، فأصبح المسؤولون يمارسونه ”عيني عينك”، خاصة بعد استبداد حكاية ثنائية العدالة والحصانة للمسؤولين المعينين بمرسوم بموضوع المتابعات القضائية للمجرمين!نعم.. قد يكون العبث الذي حصل في جهاز المخابرات في السنوات الأخيرة وإنهاء دوره في عملية مكافحة الفساد من بين العوامل التي أدت إلى إطلاق يد الفساد في المال العام، لأن السلطة أنهت دور (D.R.S) في هذا الموضوع أو قلصته، ولكنها لم تضع آلية بديلة لهذا البعبع الذي كان يخيف الشعب أكثر مما يخيف الفساد، فحصل أن الفساد أصبح لا يخاف من أحد.عندما نسمع بأن شخصا مثل ”البوشي” يستورد اللحم للجيش من بلاد الكوكايين وتتم مراقبته أمنيا، أو نعرف بأن عضو مجلس الأمة عن حزب من أحزاب السلطة يصل إلى رئاسة كتلة هذه المؤسسة الحيوية ويبيع السفريات إلى الخارج للنواب ولا تعرفه مصالح الأمن والرقابة، أو أن مسؤولا في المجلس الشعبي الوطني يتلاعب بطلبات ”الفيزا” وجوازات السفر في سفارات أجنبية إلى درجة وصول الأمر إلى إحداث أزمة ديبلوماسية بين الجزائر وبقية الدول، عندما يحدث ذلك، فذلك معناه أن البلاد أصبحت بلا أمن وبلا رقابة.وإذا كان هذا يحدث في مؤسسات السيادة فلا نلوم المرتشين في الولايات والوزارات إذا رفعوا من مستوى فسادهم العام.العدالة هي التي من المفروض أن تؤدي دورها في مكافحة الفساد، لكنها لا تقوم بمهمتها لأنها ما تزال مكبلة بمبدأ أن تقوم السلطة بتحريكها ولا تتحرك لوحدها! كما أن هناك مسألة الحصانة للمسؤولين السامين، وفق نظرية من يكون نائبا أو وزيرا أو مديرا معينا بمرسوم، لا يمكن متابعته قضائيا إلا بترخيص من المحكمة العليا، والتي تأخذ هي بدورها الترخيص من القاضي الأول في البلاد! وبمعنى آخر، العدالة لا يمكن أن تقوم بدورها للإحلال محل الأمن في مكافحة الفساد إذا أبقينا على نظرية العدالة والتحريات الأمنية التي تخص الفساد تتوقف عند باب المسؤول المعين بمرسوم، بفعل مبدأ الحصانة الذي تحول إلى حماية للفساد[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات