صحيح أن السلطة الجزائرية الحالية ليس لها ما تقدمه للقوى العظمى من تنازلات تخص السياسة الداخلية والامتيازات الاقتصادية، وخاصة فرنسا وأمريكا، لأن سعر البرميل لا يسمح للسلطة الجزائرية بأن تقدم لفرنسا وأمريكا اقتصاديا ما كانت تقدمه سابقا.. ولهذا يمكن أن تتجه التنازلات الجزائرية لفرنسا وأمريكا هذه المرة في سياق إعادة النظر في السياسة الخارجية الجزائرية. ففي السنوات الأخيرة، تم تسويق اقتصاديا ما يحدث الآن في حقل البترول وسوناطراك تحديدا.. وما أخذته فرنسا من امتيازات اقتصادية تتعلق بمصانع السيارات والقطارات والتجارة وغيرها.لقد وصلت الجزائر إلى حالة أنها لم يعد لديها ما تسوقه من الناحية الاقتصادية، ولم يبق للجزائر في السياسة الخارجية غير ملف واحد أوحد هو ملف الإرهاب! وحتى هذا الملف تآكل تسويقه بسبب عدم السيطرة عليه كليا كما يجب من خلال الأخبار المتواترة والمعلن عنها في وسائل الإعلام المحلية بخصوص ملاحقة الجماعات الإرهابية.لم يبق في ملف الإرهاب ما يُسوق لفرنسا وأمريكا من طرف الجزائر عبر الملف المالي والليبي! ولهذا ستشهد الدبلوماسية الجزائرية تغيرا في هذين الملفين لصالح النظرة الفرنسية والأمريكية، وقد يطمع الفرنسيون والأمريكان أكثر في تنازلات الجزائر دبلوماسيا في ملفين آخرين مهمين نظير السكوت على ما هو آت في المستقبل، وهما ملف الشرق الأوسط وإسرائيل، وملف الهجرة بالنسبة لفرنسا.وحتى لو ارتفع سعر البرميل بما يسمح للحكومة الجزائرية بالعودة إلى شراء مواقف هذه الدول بالمنافع الاقتصادية، فإن الوضع السياسي الهش الذي تخلقه المرحلة المقبلة يجعل هذه الدول تتجاوز ملف المنافع الاقتصادية إلى المواقف السياسية الدبلوماسية في قضايا جد حساسة في السياسة الخارجية الجزائرية.حالة الجزائر ألحقت أضرارا فادحة بالدبلوماسية، حتى باتت البلاد شبه معزولة دوليا ولا وجود لها في حل الملفات الدولية، وبات ملفها الأوحد الذي تمارس به الجزائر النشاط الدبلوماسي هو ملف الإرهاب! واستغلال هذا الملف طوال سنوات قد جعله يفقد بريقه الدولي.. وبات عبئا على السياسة الخارجية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات