في بداية الثمانينات من القرن الماضي، كنا كصحافيين شباب نتندر على الطريقة التي يمارس بها المسؤولون عن أجهزة الإعلام هذه المهنة، خاصة في جريدة “المجاهد” والتلفزة والإذاعة وجريدة “الشعب” ووكالة الأنباء الجزائرية.ومن تلك النوادر الإعلامية أن مدير تحرير وسيلة إعلامية قام بمراقبة نشرة الأحوال الجوية التي أرسلتها مصلحة الأرصاد الجوية في شهر ديسمبر، تقول فيها إن رياحا عاتية ستهب على السواحل الجزائرية وخاصة الجزائر العاصمة، وأن البحر سيكون مضطربا وأمواجه عاتية! فقام مدير التحرير بتهذيب النشرة فقال: الجو سيكون معتدلا وجميلا والبحر هادئا والشمس ساطعة! وعندما سأله زملاؤه عن هذا التصرف أجاب: إن اللجنة المركزية للأفالان ستجتمع تحت رئاسة الرئيس الشاذلي.. والحديث عن الاضطرابات الجوية قد يفسر سياسيا! وهذا له تبعاته!اليوم الظاهرة نفسها تمارسها وسائل الإعلام مع النشرة الجوية، أو تمارسها السلطة على الأرصاد الجوية... فدرجة الحرارة في الجنوب تتجاوز 50 درجة في الظل... ووسائل الإعلام والأرصاد الجوية تمارس الرقابة على وقائع الطبيعة فتقول إن درجة الحرارة في الجنوب لا تتجاوز 48 درجة مئوية...!والسلطة تفعل ذلك والإعلام يسايرها، لأن القول بأن الحرارة تتجاوز 50 درجة معناه تطبيق القانون في إعلان هذه المناطق أنها مناطق منكوبة، ويترتب على ذلك إجراءات مالية! هكذا إذن تحرم السلطة والإعلام البائس سكان الجنوب حتى من حقهم في النكبة؟!لو كانت وسائل الإعلام تقوم بدورها لقامت بتصوير لوحات قيادة السيارات الحديثة في الجنوب وهي مجهزة بجهاز قياس الحرارة... وكشفت كذب السلطات وكذب ونفاق الأرصاد الجوية في قولها إن الحرارة لا تتجاوز 48 درجة!لكن إعلام اليوم ليس فيه حتى من بإمكانه أن ينكّت على أدائه البائس، لأن إعلام اليوم ليس فيه أمثال محمود رويس، أطال الله عمره، وأمثال المرحومين خير الدين عميّر وعبد الكريم جعاد، أو الزميل بن شيكو محمد.نعم الأزمة التي ضربت السياسة والسياسيين ضربت أيضا جميع القطاعات... الأزمة بلدت الحكام واستبهمت الإعلام والثقافة وصعلكت كل مؤسسات الدولة الدستورية والإدارية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات