نعم.. بعد الصراع السياسي بالكوكايين وصلنا إلى “المسقّي”، فظهرت حكاية الصراع بالمراسيم الرئاسية، ومنها مرسوم منع بيع أملاك الدولة في محمية الساحل موريتي ونادي الصنوبر:1 - في بداية الثمانينات أقرت حكومة الشاذلي قانون التنازل عن أملاك الدولة بحجة أن الدولة فشلت في تسيير هذه الأملاك. وأقر القانون مبدأ أن التنازل عن الأملاك لفائدة المواطنين لا يشمل الفيلات ذات الطابع الأثري أو التاريخي التي هي ملك الوزارات والمؤسسات الوطنية كالخارجية والداخلية والدفاع والرئاسة.. وقد رأينا كيف تم العفس على هذا القانون وبيعت فيلات ذات أثر تاريخي تابعة للرئاسة والخارجية والدفاع والداخلية، مثل فيلا بن علي الشريف التي جرت فيها مفاوضات استقلال دول بأكملها، وفيلا عزيزة وغيرهما من الفيلات التي تعد تراثا وطنيا معماريا، كما بيعت مساحات كاملة من غابات حيدرة والأبيار في “بوارسون”، وبيعت بوشاوي كاملة كمزرعة وطنية ترمز إلى بورجو المعمر الذي كان يملك هذه المزرعة.2 - المرسوم يتحدث عن منع بيع الفيلات الموروثة عن الاستعمار في موريتي ونادي الصنوبر وتلك التي تم تشييدها بعد الاستقلال! وجاء هذا المرسوم للحديث عن إمكانية التنازل مجددا عن فيلات قصر الأمم التي شيدها بن بلة سنة 1964 بعد أن تم التنازل عن بعض ممتلكات موريتي ليس لفائدة مسؤولين كبار في الدولة الجزائرية، بل تم التنازل عنها حتى لفائدة أجانب! واليوم يتحدثون عن تنازل الدولة عن ممتلكات أخرى في نادي الصنوبر بعد أن بنت الدولة إقامة أخرى لها قرب قصر المؤتمرات الدولي الجديد.ولهذا جاء المرسوم الأخير لوضع حد لأطماع هؤلاء المسؤولين في أخذ ما تبقى من الساحل.هذا هو الظاهر من المرسوم، لكن الخفي هو عملية الكشف عن فضائح عقارية أخرى لا تقل عن فضيحة “البوشي”، الغرض منها تسويد ملفات أناس أخذوا فيلات هناك بالدينار الرمزي وتريد الدولة استرجاعها منهم مع كشفهم للرأي العام لأنهم أصبحوا في عين الإعصار الذي يعصف بالبلاد، ويتحدث بعضهم عن إمكانية العودة إلى الحكم على أنقاض الحكم القائم. هذه هي خلفية المرسوم الذي يلوح بالأثر الرجعي في عدم بيع ممتلكات الدولة في الساحل ويحضر الرأي العام لمسؤولين قدامى لتسويدهم خوفا من العودة للحكم كبدائل مما هو قائم! وهذه مرحلة جديدة في الصراع بالقانون مثل الصراع بالكوكايين.3 - محمية نادي الصنوبر والساحل من زرالدة إلى عين بنيان تشبه “سبتة ومليلة” في المغرب الشقيق! والفرق الوحيد بين منطقة الساحل في الجزائر وسبتة ومليلة في المغرب، هو أن منطقة الساحل تعيش من أموال الشعب الجزائري، في حين تعيش سبتة ومليلة من أموال الإسبان..! والدخول إلى سبتة ومليلة من طرف المغاربة أسهل من دخول الجزائريين إلى إقامة الدولة. والفساد في سبة ومليلة لا يكاد يذكر مقارنة بالفساد في إقامة الدولة الجزائرية في الساحل. حتى العلاقات الاجتماعية لسكان نادي الصنوبر تختلف عن العلاقات الاجتماعية لعموم سكان مدينة الجزائر. لهذا فإن زوار الجزائر من المسؤولين الدوليين والرؤساء ينزلون في الساحل ولا ينزلون ضيوفا في مدينة الجزائر... وإذا أرادوا زيارة مدينة الجزائر لابد لهم من رخص خاصة جدا وكأنهم جاءوا من دولة أخرى لزيارة دولة أخرى؟!بلدنا فيه الكثير من المفارقات العجيبة ولابد لها من إجراءات حاسمة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات