الأستاذ بوعقبة، تحياتي لك وللقراء الكرام..لقد لفت انتباهي قول الأستاذ حمدان، في نقطة نظام ليوم الثلاثاء 12/06/2018، أن نجم شمال إفريقيا - وهو أول حزب في الحركة الوطنية الجزائرية طالب بالاستقلال – قد احتضنه وساعده اليسار الفرنسي، ثم وهو يعدد أيضا بعض رجال الفكر الفرنسيين الذين وقفوا إلى جانب الشعب الجزائري في ثورته، ذكر بينهم اسم المؤرخ شارل أندري جوليان، وطبعا في هاتين المسألتين مغالطات تاريخية تستوجب التوقف عندها.أولا: اليسار الفرنسي جبهة عريضة تتلاطم فيها تيارات عديدة تتحرك من يسار اليمين، ووسط اليسار، إلى أقصى اليسار، وأغلب أحزابها تجاوبت مع النظام الاستعماري ودعمته لتحقيق مشروعه في الجزائر، وعلى رأسها الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي ترأس عدة حكومات أثناء فترة الاحتلال، ولم يختلف في الأساليب التي طبقها على الجزائريين، عن اليمين السياسي، ولا حتى عن اليمين المتطرف أحيانا، حقيقة، لقد كان الحزب الشيوعي الفرنسي الوحيد الذي تقرب من حزب ”النجم” في بداياته خلال عشرينيات القرن الماضي، وقدم له الدعم والحماية، لكن ذلك كان لأهداف، وأول وأهم أهدافه هو استقطاب الطبقة العاملة القادمة من شمال إفريقيا، وكان تعدادها بعشرات الآلاف آنذاك ومعظمهم من الجزائر، لأنه بحاجة إلى توسيع قاعدته النضالية، لإثبات وجوده في الساحة السياسية كحزب جديد آنذاك يعتمد بصفة أساسية على النضال النقابي. لكن سرعان ما أدار ظهره للنجم وقيادته، عندما لاحظ تعاظم شأن النجم، والتفاف الجالية المغاربية حوله، وصار يرى فيه منافسا قويا في الميدان. والمعروف أيضا أنه لم تكن للأمير خالد – مؤسس حزب النجم – أي علاقة بالحركة الشيوعية، لكن الذي حدث هو انضمام فاعلين جزائريين إلى نجم شمال إفريقيا كانوا منخرطين فعلا في الحزب الشيوعي الفرنسي أمثال حاج علي عبد القادر، وسي جيلاني، ومصالي الحاج، وبعنون أكلي.. وكانوا هم الواسطة التي كان يمارس من خلالها الحزب الشيوعي الفرنسي وصايته على حزب ”النجم” لفترة ما.ثم، وإن كنت أوافق الأستاذ حمدان بخصوص جان بول سارتر وهنري جونسون كمفكرين حرين، وقفا فعلا إلى جانب الجزائريين في كفاحهم من أجل الاستقلال، فإنني أتساءل كيف ساند المؤرخ شارل أندري جوليان الثورة الجزائرية ”حتى تحقيق النصر”، بينما كل كتاباته كانت تصب في بناء كيان سياسي جزائري تحت مظلة الدولة الفرنسية، وأن أقصى ما كان يدعمه جوليان آنذاك هو مجموعة إصلاحات لتحسين أوضاع الجزائريين الاقتصادية والاجتماعية، وفي إطار سياسة الإدماج التي كان يدعو إليها الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي كان ينتمي إليه. ومن المعروف أيضا أن جوليان لم يسلم من تأثير المدرسة الاستعمارية في كتاباته كمؤرخ، وأنا أحيل القارئ بخصوص هذا الموضوع بالذات، إلى كتاب ”أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر” لأبي القاسم سعد الله، في جزئه الأول الصادر عن دار البصائر سنة 2007، إذا أراد معرفة المزيد.. وعيدكم مبارك وسعيد.أستاذ التاريخ: موسى صياد^اللافت أن رجال الفكر والثقافة الفرنسيين الذين ساندوا الثورة الجزائرية كانوا أقلية الأقلية قياسا بعدد الذين ساندوا النظام الاستعماري الفرنسي... وبعض هذه الأقلية لم يكن تعاطفهم مع الجزائريين وثورتهم نابعة من عشقهم لقيم الحرية والعدل ورفض الاستعمار والظلم، بقدر ما كانت شفقة إنسانية منهم إزاء الممارسات غير الإنسانية التي نفذها غلاة الاستعماريين ضد الشعب الجزائري.لهذا، فإن جل ملاحظاتك يا أخي موسى في محلها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات