مصيبة البلاد أن السلطة أصبحت تستخدم المسجد في كل شيء له طابع سياسي... أو اقتصادي أو اجتماعي ثقافي... فأصبحت السلطة تسيّر البلاد بالمسجد في سياق الإسلام دين الدولة... وأن المساجد ليست لله بل للدولة!تستخدم السلطة المسجد في الدعوة للانتخابات وتحمله بأئمته على القول: إذا لم ينتخب المواطن يصبح غير وطني وربما يصبح خارجا عن الدين، وإذا لم تمطر السماء استخدمت السلطة أيضا صلاة الاستسقاء لتوفير الماء الشروب للمواطنين! والمساجد والزوايا تستخدمها السلطة أيضا في تبييض المسؤولين من أحكام العدالة!السياسة في الجزائر لم تعد تمارس بالأحزاب والجمعيات المدنية والنقابات والحكومة والنواب، بل أصبحت تمارس بالمساجد... ولهذا تحولت الأحزاب السياسية الحاكمة إلى أوكار لممارسة الفساد وقنوات لإبراز الرداءة وتأهيلها للحكم... فلا شعبية لهذه الأحزاب في الواقع السياسي للبلاد.ومن أراد أن يتأكد من غياب شعبية الأحزاب الحاكمة عليه أن يتصفح موقع الأفالان على الأنترنت مثلا... حيث يسجل الموقع أن عدد زواره لا يتعدى 57 زائرا! وهو عدد يشكل 10% من أعضاء اللجنة المركزية لهذا الحزب؟!وإذا كان الحزب الحاكم لا يتصفح أعضاء قيادته موقع الحزب، فهل يمكن أن يتصفح المواطنون موقع هذا الحزب أو حتى المناضلين؟!وعندما نرى مواقع في الأنترنت أنشأها شباب وصل عدد زوارها إلى 1.5 مليون زائر مقابل 57 زائرا لموقع الحزب الحاكم، عندها نعرف سبب الأزمة السياسية الحاصلة في البلاد، ونعرف لماذا الشعب في واد والحكم في واد... ولماذا لم يبق في جعبة السلطة لمخاطبة الشعب سوى أئمة المساجد!في المدة الأخيرة سمعنا أن فصلا جديدا في استعمال السلطة للمساجد قد حدث، وهو دعوة وزارة عيسى للشؤون الدينية المساجد إلى محاربة الغش في الامتحانات، ولسنا ندري كيف يحارب الأئمة الغش في الامتحانات؟! هل يكون ذلك بالتأكيد للأولياء بأن الغش حرام وهم بدورهم يقولون لأبنائهم إن الغش حرام، أم جلب التلاميذ إلى المساجد قبل الامتحانات لإبلاغهم بأن الغش حرام؟!إنه العبث بالتربية وبالدين وبكل ما هو أخلاق وقانون ودولة؟المسجد ليست مهمته محاربة الغش في الامتحانات، بل مهمته هي محاربة الغش في تولي مسؤوليات قيادة الأمة بلا كفاءة!المسجد يحارب الاحتكار في التجارة.. والمسجد يوزع قفة رمضان.. والمسجد يمارس الصحة العمومية بالرقية، لأن حال الصحة هي الآن على ما هي عليه؟! أكاد أجزم أن استخدام المساجد من طرف الدولة في ارتكاب مثل هذه المناكر قد يجعلها عاجزة حتى عن أداء الصلاة المقبولة لدى الخالق.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات