حكاية إجبار النواب في البرلمان على حضور الجلسات عبر معاقبتهم بالاقتطاع من أجورهم إذا هم غابوا عن الجلسات، هذه الحكاية هي فصل آخر من فصول الرداءة في مؤسسات الدولة السيادية؟!1 - السؤال الذي يطرح بجدية هو لماذا يغيب النواب عن الجلسات حتى تضطر إدارة المجلس لمعاقبتهم ماديا؟! هل لأن جلسات هذا المجلس لا معنى لها... وحضور النواب مثل غيابهم لا يقدم ولا يؤخر في حكاية مآلات التشريع، لأن المشرّع الوحيد هو الجهاز التنفيذي، وبالتحديد رأس الجهاز التنفيذي الذي هو الرئيس؟! أم أن الأمر يتعلق بنوعية هؤلاء النواب الذين لا علاقة لهم بالسياسة والتشريع والنيابة وتمثيل الشعب، وأن الأمر يتعلق بنوعية هؤلاء النواب وبنوعية وكفاءة الأحزاب التي تختارهم لهذه المهمة!فالنواب الذين تختارهم الأحزاب للنيابة عن الشعب وعن الأحزاب بناء على قيم “الشيتة” والولاء والجهوية، وليس الكفاءة والتمكن من العمل السياسي... نواب بهذه المواصفات لا يمكن أن يصدر عنهم غير هذا الذي يسمونه غيابا عن جلسات التشريع في البرلمان؟!النائب الذي يشتري مكانه في البرلمان من ولد عباس ليحصّن نفسه بالحصانة البرلمانية من المتابعات القضائية، هذا النائب لا يمكن أن يحترم مجلسا هذه هي مواصفات العضوية فيه، وبالتالي من حقه أن ينصرف هذا النائب “لافيريست” إلى شؤون مؤسساته ولا يضيّع وقته في الجلوس في برلمان لا أثر له في الحياة...!2 - لا تكفي عملية تهديد النواب بالخصم من رواتبهم لإجبارهم على الحضور، لأن من يشتري مقعده في البرلمان بالملايير لا ينتظر من البرلمان “الشهرية”؟! وبالتالي فإن الإجراء هو نفخ في “شكوة مثقوبة”، والإجراء الصحيح هو تشريع قانون يعطي الصلاحيات للشرطة بإحضارهم بالقوة!الأسلاك النظامية التي تستخدم في انتخاب هؤلاء النواب، هم أحق من غيرهم في إجبار النواب على الحضور إلى البرلمان... لأن هؤلاء النواب لا يمثلون الشعب قدر تمثيلهم للأسلاك النظامية التي انتخبتهم!أصدقكم القول أن حفيدتي في المدرسة الابتدائية احتجت على تشبيه النواب لأنفسهم بأطفال المدارس... لأن أطفال المدارس نبلاء وليسوا مثل النواب، حتى يشبّه النواب أنفسهم بالتلاميذ احتجاجا على قانون إجبارهم على حضور الجلسات؟!لو كان هؤلاء النواب عندهم ذرة من كرامة النواب لاحتجوا على رئاسة البرلمان، لأنه مس في العمق قضية الحصانة البرلمانية... هذه القضية هي التي يجب أن يستخدم فيها مبدأ الحصانة، وليس حماية بعض النواب من القضاء ضد المواطنين في المخالفات والجرائم التي يعاقب عليها القانون!ولكن أين هي قيادة البرلمان، وأين هي الحكومة، وأين هم النواب الذين يفهمون هذا؟!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات