من الأخلاق المهنية في الصحافة أن لا يتناول الصحفي مهنته بالشكر أو الثلب حتى لا يقع في محظور ”حوحو يشكر روحو”، أو يحدث له ما كان يحدث لعمال ”لوناكو” في وقت الاشتراكية أو ”لوفلا” حيث يأخذ العمال اللوبية والعدس المفقود في السوق هم أولا ثم الباقي يعرضونه إلى الشعب في أسواق الفلاح!نحن في الصحافة الآن بحكم الأخلاق المهنية نرى دائما حدبة غيرنا ولا نرى حدبتنا !نستفيد فقط كصحافيين من إعلانات التعزية بوفاة عزيز أو التهنئة بدخول زميل أو زميلة إلى قفص الزوجية!ومنذ يومين وأنا أفكر في الطريقة التي أتناول بها قضية اتفاق عمال ”الخبر” مع إدارة الجريدة في موضوع عقد الاتفاقية الجماعية للعمل.أشهد أن نقابة العاملين في ”الخبر” وإدارة ”الخبر” أحدثتا نقاشات واسعة بين الطرفين استمرت أشهرا، وخلال كل هذه النقاشات كانت مصلحة الجريدة توضع فوق مصلحة الإدارة وفوق مصلحة النقابة. وقد انعكست هذه الروح في تسيير الجريدة خلال الأزمة التي مرت بها المؤسسة قبل سنتين تقريبا.اللافت في نقابة عمال ”الخبر” في علاقاتها بالإدارة أن الحوارات التي تجري بينهما يحتل فيها دائما منسوب سقف الحرية والمهنية في ممارسة الصحافة المقام الأول، ثم تأتي بعد ذلك المسائل المتعلقة بالماديات !وأشهد أنني أسمع دائما نقاشات مهمة وفي بعض الأحيان حادة بين الصحافيين في الأقسام حول موضوع سقف الحرية في ممارسة المهنية، أسمع ذلك أكثر مما أسمع الحديث عن الأجور والعلاوات والمنافع الأخرى المرتبطة بمهنة المتاعب !ولعلها الصحيفة الوحيدة في البلاد التي يهتم فيها صحافيوها بمسألة منسوب الحرية والمهنية أكثر من اهتمامهم بالماديات!وقد يكون هذا سببه الحد الأدنى من الديمقراطية المهنية التي تسير بها ”الخبر” منذ إنشائها إلى اليوم! وقد يكون هذا أيضا إحساسا من إدارة الجريدة بأن مشكلتها في منسوب الحرية ليست مع الصحافيين بل مع المحيط العام الذي تعمل فيه الصحيفة، وخاصة علاقاتها بالسلطة !شخصيا أحس بالسعادة تغمرني عندما أسمع شلة من الشباب الصحافيين الأكفاء في القسم السياسي أو الثقافي أو الاقتصادي أو الرياضي لا حديث لهم سوى عن منسوب الحرية في ممارسة المهنة، وأحس بأن السلبيات في ممارسة المهنة تُحاصَر يوميا، وأن الجميع في ”الخبر” إدارةً وصحافيين يرفعون شعار ”لا تستح من قول القليل فإن الحرمان أقل منه”!لهذا أحسست بالسعادة تغمرني عندما سمعت أن الإدارة والنقابة توصلتا إلى اتفاق حول الاتفاقية الجماعية للعمل.. وبهذا لا تكون ”الخبر” رائدة في الإعلام بل رائدة أيضا في دمقرطة تسييرها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات