السلطة أنهت دور الأحزاب السياسية بإضعافها بالتصحيحيات المتتالية... قامت بها أجهزة الدولة المختلفة، والهدف هو تقوية السلطة بإضعاف الأحزاب وضرب علاقتها بالشعب تنظيما ونشاطا. لكن الذي حصل أن الأحزاب ضعفت فعلا... والسلطة لم تقو بل ضعفت هي الأخرى... ووجدت السلطة نفسها من دون وسيط بينها وبين الشعب لتنظيمه وتأطير احتجاجاته.كانت الأحزاب السياسية تقوم بتأطير الاحتجاجات عبر المظاهرات السلمية والمسيرات التي تنظمها الأحزاب للتعبير عن غضب الشعب إزاء تصرف ما من تصرفات السلطة... وعندما أنهت السلطة هذه الظاهرة السياسية للأحزاب وجدت نفسها في مواجهة مع المحتجين مباشرة عبر تنظيماتهم المدنية، ومنها النقابات... وفي نفس الوقت لم تعد السلطة تجد من تتحدث معه من الناحية السياسية، وحتى الأحزاب نفسها لم يعد لها أي وجود في تنظيم المجتمع، لأن السلطة قد ألحقت بها أضرارا فادحة عندما استخدمتها في تزوير الحياة السياسية والحياة الانتخابية بصورة بائسة.الإدارة هي الأخرى انتهت إلى طريق مسدود، لأن السلطة استخدمتها فوق اللازم في التزوير وفي تنفيذ المظالم.لقد تم تحويل الأجهزة الأمنية من أداة دولة يرتاح لها المواطن إلى أداة في يد سلطة.الصورة التي عالجت بها السلطة قضية الأطباء باستعمال الشرطة بطريقة غير لائقة أبانت ذلك الفرق الشاسع بيع مستوى فئة الأطباء وفئة السلطة في فهم معنى الدولة والسلطة، ومعنى القانون والدستور ومعنى الاحتجاج في إطار القانون ومعنى معالجة الاحتجاجات في إطار القانون أيضا، وأعطى الأطباء صورة مشرقة لما يجب أن تكون عليه الجامعة.قضية الأطباء والأساتذة بلورت صيغا جديدة للنضال بتجاوز النضال التقليدي للأحزاب والحركات الاجتماعية... فالطريقة التي استخدمها الأطباء في الاحتجاج أبانت عن مستوى عال جدا للأطباء، جعلت المجتمع ينظر إلى الأطباء كحركة مخلصة للبلاد، فكل الناس لاحظت أن سوء تسيير السلطة لملف الأطباء قد أدى إلى تعفن الوضع.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات