ما يحصل في البلاد من تعفن سياسي واجتماعي وضياع اقتصادي، هذه الأيام، هو نتيجة منطقية لسياسة السلطة في العبث بالحياة السياسية قصد إضعافها...عندما تصل حالة الأحزاب السياسية إلى ما وصت إليه أحزاب الحكم وأحزاب المعارضة من رداءة سياسية وهوان تنظيمي لابد أن يصبح الفراغ السياسي هو السيد... وبالتالي تكثر الطحالب السياسية الداعية إلى سياسات وبرامج أقل ما يقال عنها أنها مشبوهة ومضحكة، فتظهر حكاية تنسيقية العهدة الخامسة للرئيس.. ثم تظهر على أنقاضها تنسيقية ترشيح شقيق الرئيس وليس الرئيس، في عملية عبثية مؤسفة. يحدث هذا لأن أحزاب الحكم وأحزاب المعارضة كلها في حالة انتظار ولا أحد منهم باستطاعته أن يقول لنا من له الحظوظ في الترشح للرئاسيات القادمة؟! في البلدان الأخرى، الأحزاب السياسية تضع أمام المواطنين فرسانها للانتخابات بسنوات كاملة قبل الموعد، أما عندنا فكل شيء يبقى من أسرار الدولة، وقد يعرفه الأجانب حتى قبل أن تعرفه قيادات الأحزاب التي ترشحه بالتزكية “الشيتاوية”؟!المبرر الذي يترك فرسان الرئاسة المرتبطين بالسلطة في سرية تامة هو مبرر مضحك فعلا... فالسلطة تقول إن الإعلان عن المرشح الرسمي للرئاسيات القادمة من طرف السلطة قبل الوقت يمكن أن يؤدي إلى أن سلطة الرئيس الممارس تضعف ويصبح عاجزا عن التحكم في تسيير البلد.. وقد يكون هذا صحيحا، لأن الرئيس ومؤسسة الرئاسة لم تنجز بالصورة الدستورية القانونية التي تجعلها تمارس مهامها في جميع الظروف، حتى ولو كانت ظروف عدم التجديد للرئيس الحالة السياسية الرديئة جعلت الحالة الاجتماعية تصبح مقلقة أكثر من اللازم.. وجعلت الوضعية الاقتصادية كارثية... فالحكومة لم تعد تتحكم في أي شيء، وكثر النصابون والانتهازيون، حتى أصبح النصابون يحتالون على بعضهم البعض ويحتالون حتى على من يقم بالنصب بأسمائهم!هل من المنطق أن تنشأ تنسيقيتان لدعم ترشح الرئيس ولا يعلم بها شقيقه؟! أو تنشأ تنسيقية لدعم ترشح شقيق الرئيس ولا يعلم بها الرئيس؟والمصيبة أن أجهزة الأمن تترك مهامها في مكافحة الفساد وتتحول إلى ملاحقة هؤلاء المحتالين سياسيا وكشفهم دون كشف من يحركهم... إنها فعلا غرائب السياسة في الجزائر.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات