تم تكليفي من طرف سلطة ما في ولاية ما بتوزيع حوالي 1900 سكن اجتماعي على مستحقيها، من بين حوالي 18000 طالب للسكن، ارتبكت في الأول وتمنيت الموت، وذلك لصعوبة المهمة، أضف لها العلم أن هناك 16100 مواطن لن يستفيدوا، وسيكون يوم التوزيع جنائزيا في مدينتي.. توكلت على الله وتعاملت مع الملف كما يلي:1- كونت لجنة لدراسة الملفات كل أعضائها إطارات وهم أصدقائي يعملون في أماكن مختلفة في مدينتي، ثقتي فيهم كبيرة إلى درجة أنني خجلت من إخبارهم بأننا سوف نحلف كلنا على المصحف وكل جلساتنا سوف تسجل صوتا وصورة.2- خصصت نسبة صغيرة جدا جدا من السكنات للسلطة التي كلفتني بعملية التوزيع، وكم كانت مهمة إقناع الأعضاء صعبة بأن هذه السكنات ستستعمل لمصلحة الوطن وللحالات الطارئة كالزلازل والفيضانات الخ، وتم الاتفاق.3- لكي نتمكن من دراسة كل الملفات طبعنا القائمة الاسمية لكل طالبي السكن وتم بيع المطبوعة بـ10000 وحدة نقدية لكل طالب سكن (المداخيل تذهب للبلدية مقر السكنات في إطار البحث عن التمويل).4- انتظرنا 20 يوما، وهي مدة حسبناها كافية للطعون لمن عنده ملف طلب الحصول على سكن، ولم يجد اسمه في القائمة الاسمية المطبوعة والتي ستدرس.5- بعد الاطلاع على معايير التنقيط والقوانين المنظمة للعملية، تمت دراسة كل الملفات بتمعن، وكم كانت العملية ممتعة وصعبة خاصة مع أهالينا وذلك بسبب الغيابات المتكررة، دون علمهم أين نذهب ولماذا هذا الغياب ليلا أو نهارا.6- بعد الانتهاء من دراسة الملفات تم تقسيم الـ18000 طالب للسكن في مجموعات تتكون من ثلاثين شخصا أي إلى حوالي 60 فوجا.7- تم استقبال فوج واحد يوميا بالمسرح البلدي، وذلك لشرح معايير التنقيط واطلاع كل طالب سكن على مجموع علاماته. طبعا استعملنا وسيلة البث (داتاشاو). علما أن كل واحد من الحضور قد دفع 10000 وحدة نقدية من أجل كراء المسرح (المداخيل تذهب للبلدية مقر السكنات في إطار البحث عن التمويل 18000=10000x 180000000 وحدة نقدية).وأخيرا وبعد 60 يوما من الشرح، الكل كان مقتنعا ويعلم عدد نقاطه وترتيبه في القائمة من واحد إلى 18000، وكم كانت العملية صعبة، وذلك لتفاوت المستويات العلمية. وقد كان للإذاعة المحلية دور كبير في التوعية والإعلانات.وكان يوم التوزيع سيكون عرسا كبيرا في مدينتنا، لولا أن ابني الصغير ناداني بابا بابا أريد أن أستريح، كانت الساعة الرابعة صباحا.. آه ليتني ما عودته على هذا، لعشت الفرحة وتمتعت بثمرة المجهود المبذول. حاولت الرجوع للنوم لكي أحضر العرس لكن هيهات، فقلت له يا بني لقد حرمت 1900 مواطن من السكن..مواطن محظوظ
المسؤول الذي كلفك بتوزيع عسل السكن في المنام وأوصاك بأن تخصص له 5% من الجرة العسلية.. كان قد سبق له أن أخذ 10% من عسل المشاريع السكنية عندما أسند هذه المشاريع إلى المقاولين المنجزين!والسؤال المهم هو: إذا وصلت نسبة 85% من مخصصات السكن إلى أصحابها المحتاجين، فهو أمر جيد، وابنك لم يحرم 1900 طالب سكن من السكن، كما شاهدته في المنام، وقد يكون عدد من استفاد من السكن من المستحقين لا يتجاوز 100 مستفيد في الواقع وفي المنام أيضا.. ورؤيتك في المنام كانت ضبابية ولم تر الأمر كما هو..!ومع ذلك فطريقة حلمك جيدة... وياليت يتم اعتمادها في واقع توزيع السكن الاجتماعي وغير الاجتماعي.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات