شرطة بمستوى تعليمي متدنٍّ يضربون بالهراوات أطباء متخصصين درسوا تعليما شاقا ومضنيا 11 سنة بعد البكالوريا، في أهم علم في هذا العصر هو علم الطب، حتى تسيل دماؤهم! الشرطة تلقوا أوامر ضرب الأطباء من سلطة بعض وزرائها تخرج من مدرسة التكوين المهني والتمهين التي تسمى الإدارة، ومنهم من لم يضع رجله في الجامعة أصلا! هذه السلطة تدفع لشرطي أجرا يعادل أو يزيد عن ضعف أجرة الطبيب! وإذا احتج الطبيب يضرب بالهراوات!حقيقة لم تصل السلطة إلى هذا المستوى من الاستهتار إلا لأنها ”استدوبت” المجتمع الظالم ضد النخب والمتعلمين بصفة عامة.. والظلم ضد الأطباء أصبح سلوكا متأصلا لدى السلطة، وصار هذا السلوك لا يحتمل.في 1969 سنت السلطة قانون الخدمة الوطنية.. وجاء فيه أنه ينطبق على المواطنين الذكور المولودين بعد يناير 1969، وعلى الطلاب والتلاميذ المولودين قبل يناير 1969، وهذا الاستثناء الغريب الذي فيه ميز بين المواطنين المتعلمين وغير المتعلمين يمس بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون.. لكن الدستور في ذلك الوقت كان معطلا العمل به بعد انقلاب 19 جوان، لذلك فالمظالم القانونية مبررة ديكتاتوريا. لكن الظلم امتد فيما بعد إلى فئة الأطباء بحيث تم استثناؤهم من الإعفاء أو التأهل بعد المرحلة الأولى للدروس، وذلك بتعسف واضح، ثم جاءت حكاية الخدمة المدنية بعد الخدمة الوطنية كعقاب للأطباء لأنهم درسوا الطب، وكان هذا الأمر وراء هروب آلاف الأطباء من الجزائر، وحتى الإجراءات التي أقرها الرئيس بوتفليقة عندما جاء للحكم، فيما يخص إعفاء الذين تجاوزوا 30 سنة من الخدمة الوطنية، تم استثناء الأطباء منها بظلم واضح وضد مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون والدستور، زيادة على الخدمة المدنية التي فرضت على الأطباء وحدهم، في اعتداء صارخ على الدستور والقانون الذي يكرس المساواة بين المواطنين أمام القانون، والمصيبة أن الأمر تم بتعليمات وليس بقانون.. أي أن الدستور والقانون يُعطَّل بتعليمة من وزير أو حتى شبه وزير! ماذا يفعل وزير الصحة؟ لماذا لا يستقيل تضامنا مع زملائه؟وما لا يعرفه المواطنون أن السلطة سنت إجراء بتعليمة وليس بقانون يمنح للطلاب الذين يسجلون في مؤسسة تعليمية بالخارج حق الإعفاء الآلي من الخدمة الوطنية! وواضح أن الإجراء كان موجها لأبناء المسؤولين لأن كل أبنائهم يدرسون في الخارج أو بإمكانهم فعل ذلك للحصول على الإعفاء من الخدمة الوطنية، في حين يفرض على أبناء الشعب من الأطباء أداء الخدمة الوطنية ثم الخدمة المدنية.ترى لماذا لا يتحرك المجلس الدستوري في هذه القضايا؟! المجلس الدستوري وُضع خصيصا لتأييد خرق الدستور، يبارك التزوير الانتخابي ويبارك إلغاء التشريع بتعليمات و..و..لو كانت الحكومة والسلطة التي عينتها عندها ذرة من الحياء السياسي لقامت بإنهاء مهام كل من تسبب في ضرب الأطباء بالهراوات حتى سالت الدماء في أهم مستشفى ورثناه ولم نشيده! أيهما جريمة يعاقب عليها القانون: محاولة الأطباء التظاهر دفاعا عن حقوقهم في إطار القانون والدستور، أم ضربهم بالهراوات من طرف الشرطة في اعتداء على القانون والدستور؟ هل الوقفة السلمية للأطباء جريمة أم الضرب بالهراوات هو الجريمة؟! ثم لماذا تمنع السلطة حق التظاهر في العاصمة 7 سنوات كاملة خارج القانون والدستور الذي يحدد المنع بقانون الطوارئ لمدة محددة؟ هل من الدستور أن يُحرم سكان العاصمة من حقهم الدستوري في التظاهر مثل بقية المدن الأخرى، فإذا أرادوا التظاهر ضد ”مير” في العاصمة لم يرفع القمامة من الشوارع يتظاهرون بمدينة أخرى؟
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات