تعود مسألة الأمازيغية في منطقة القبائل بصورة أعنف مما كانت عليه أيام المطالبة بالاعتراف بها كلغة أولا، ثم المطالبة بالاعتراف بها كلغة وطنية ثانيا، ثم المطالبة بها كلغة رسمية ثالثا.1- هناك ظاهرة تخص الحراك الأمازيغي في منطقة القبائل، وهو تصاعد مستوى هذا الحراك عشية الرئاسيات دائما. فهل هي الصدفة، أم أن الرئاسيات هي الحالة السياسية الوحيدة في الجزائر التي تسمح بالحديث عن القرارات الحاسمة التي تخص الهوية والسياسة والاقتصاد؟ففي 1980 وبعد وفاة بومدين، حدث الحراك الأمازيغي في منطقة القبائل تحت اسم الثقافة والديمقراطية، وفي 1999 حدث الأمر نفسه عند الحديث عن الرئاسيات ونقل السلطة من زروال إلى بوتفليقة. وقبله، حدث ما حدث في منطقة القبائل عند نقل السلطة من الشاذلي إلى بوضياف، وكافي بعده! والجميع يتذكر ما حدث عشية العهدة الثانية لبوتفليقة في 2004، كيف تمت المقايضة دون استفتاء شعبي حول مسألة الاعتراف بالأمازيغية لغة وطنية مقابل العهدة الثانية! ثم مسألة تغيير الدستور والحصول على عهدة ثالثة دون استفتاء شعبي، مقابل الاعتراف بالأمازيغية كلغة رسمية.2- منطقة القبائل التي ترفع السقف عاليا في مسألة الديمقراطية والهوية يقبل زعماء حراكها السياسي المرتفع بتغييرات في الدستور بطريقة غير ديمقراطية، ينجم عنها الاعتراف بالوطنية والرسمية للغة الأمازيغية، فالذين قبلوا بأن ترسم الأمازيغية لغة وطنية رسمية من طرف مؤسسة برلمانية ناقصة شرعية، منطقيا لا يمكن أن ينتظروا من هذه المؤسسة (البرلمان) بأن تجعل من الاحتيال السياسي والتسويق الانتخابي مسألة وطنية في تطبيق رسمية ووطنية هذه اللغة بصفة جدية. فالترسيم الوطني والرسمي الذي تم، لا بد أن يتعرض إلى الالتفاف على تطبيقه بطريقة غير شرعية وغير ديمقراطية.. والكتاب يظهر من عنوانه، فمن يحتال على الشعب في الترسيم، لا بد أن يحتال على منطقة القبائل في التمكين للترسيم.3- العمل خارج الديمقراطية الذي عرفته مسألة الأمازيغية، ها هي آثاره تمتد إلى مسألة الانتخابات الأخرى! هل من الصدفة أن يتم ما يتم الآن على مستوى البلديات والولايات من مهازل بين الأرندي والأفالان، أو يتم بين الحزبين على مستوى الحكومة والوزراء، وغدا سيتم أيضا على مستوى الرئاسيات؟!يخطئ من يعتقد أن مسألة الهوية هي مسألة منطقة القبائل وحدها، وليست مهمة كل الشعب الجزائري، ومعالجة هذه القضية بالضغط والاحتيال السياسي خارج الإرادة الحقيقية للمجموعة الوطنية بأكملها، هو الذي أوصل البلاد إلى هذه الحالة. نحن الآن أمام معضلة مشكل شرعية... ودون شرعية لا يمكن أن يكون مؤهلا لحل مسألة شرعية الهوية. العمل لفرض حلل للهوية خارج الشرعية يؤجل الحل الحقيقي للمعضلة الوطنية، ويفتح الباب أمام مثل هذه المعارك التي تتكرر دائما عند كل موعد انتخابي مصيري يؤجل الحل وينهيه.. نعم حل مسألة الهوية يجد مداه في تمكين الشعب من شرعية بانتخابات حرة... خارج هذا، لا حل لأزمة البلاد في السياسة أو الهوية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات