بعض جوانب معالجة الإعلام العربي لمسألة القرار الأمريكي بشأن القدس تثير الضحك فعلا! فالقناة ذائعة الصيت التي ترهب الحكام العرب من الدوحة، قالت إن أطفال فلسطين أكثر وعيا من رجال ونساء فلسطين! لأن وعيهم هو الذي دفعهم إلى مواجهة الاحتلال بالحجارة! ولم تقل لنا القناة الرائدة إعلاميا في العالم العربي من أين جاء هذا الوعي لأطفال فلسطين؟! ألم يكن اكتسابه جاء من رجال ونساء فلسطين؟!كان على هذه القناة أن تطرح بجدية لماذا يختبئ رجال ونساء فلسطين وراء الأطفال؟! هل قضية تحرير فلسطين هي قضية أطفال؟ أي لعب أطفال؟! ولماذا لم تسأل القناة نفسها: لماذا لا يقوم الاحتلال بالزج بأطفاله لمواجهة أطفال فلسطين؟! والجواب واضح.. مسألة صيانة أمن إسرائيل ليست لعب أطفال؟ الزج بالأطفال في مواجهة الاحتلال هو جبن وليس بطولة.والأطرف من هذا كله أن قنوات إعلام البؤس العربي أقامت الدنيا ولم تقعدها على معلمة فرنسية في لبنان قالت لتلميذتها في المدرسة وهي ترسم خريطة لبنان.. إن ما يحد لبنان من الجنوب هو إسرائيل! فاحتج والد البنت وقال: “إن حدود لبنان الجنوبية هي فلسطين وليس إسرائيل”! في حين أن الواقع يقول إن حدود لبنان من الجنوب هي إسرائيل وليس فلسطين، وأن السلطة الفلسطينية القائمة في رام الله تناضل من أجل التحول إلى دولة ليس لها حدود مع لبنان!وأكثر من هذا، المبادرة العربية التي وافق عليها كل العرب في قمة لبنان قبل عقدين من الزمن، تعترف بوجود إسرائيل؟! وعوض أن يحتج هذا الوالد على حكومة بلده لبنان لأنها اعترفت بإسرائيل، راح يحتج على المعلمة الفرنسية التي علمت أبناء لبنان وبناته الواقع كما هو بمرارته؟!التاريخ يقول إن حركات التحرير للأوطان مسألة جدية يتكفل بها الكبار، وليست مسألة لعب أطفال في التحرير كما هو حاصل في فلسطين!أمامكم المثل الفيتنامي الذي واجه الاحتلال الفرنسي ثم الاحتلال الأمريكي طوال ربع قرن كامل وتحرير بلده من أكبر استعمار غاشم في العالم هو أمريكا..وإسرائيل ليست أقوى من أمريكا.. وكذلك الشعب الجزائري واجه بجدية الكبار الاستعمار الفرنسي ولم يسند مسألة التحرير للأطفال، وإسرائيل ليست أقوى من فرنسا! وعندما يتخلى الفلسطينيون عن فكرة تحرير بلدهم بالأطفال ويخرج الكبار من الفنادق 5 نجوم ومن القصور الفخمة ويواجهون الاحتلال عندها ستتحرر فلسطين!لقد كدت أن أبكي وأنا أتابع أخبار مواجهة قرار ترامب من الأراضي المحتلة، حيث قالت قنوات البؤس الإعلامي العربي إن أطفال فلسطين أضربوا عن الدراسة احتجاجا على قرار ترامب، وهذا أيضا قُدم كوعي كفاحي من الأطفال.. ولا شك أن إسرائيل ترقص فرحا مادام هؤلاء يواجهونها بأساليب نضال تزيد في جهل الشعب الفلسطيني! هل إضراب أطفال فلسطين عن الدراسة يضر إسرائيل؟! يا فطاحل النضال البائس إعلاميا وسياسيا، عقول سياسية وإعلامية تسيّر الوطن العربي وحركة تحريره بهذه الصورة البائسة، هو الذي جعل ترامب وماكرون يبيعان خردة السلاح بمئات الملايير من الدولارات كي لا تستخدم ضد إسرائيل؟[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات