كنا نتوقع انتخابات بلا مفاجآت، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، وحدثت المفاجأة، فقد أربكت المقاطعة تصرفات السلطة إلى حد أنها أصبحت تعير اهتماما بالغا لحكاية تزوير نسبة المشاركة، ولو حتى على حساب تزوير النتائج! لأن المهم بالنسبة للسلطة لم يعد من هو الذي يفوز بالانتخابات، بل أصبح المهم هو كم يشارك في هذه الانتخابات من المواطنين؟!1- السلطة فضحت نفسها عندما حجبت الحديث عن نسبة المشاركة مدة 20 ساعة على الأقل، فالمنطق السليم يقول إن الإعلان عن نسبة المشاركة الوطنية يمكن أن يتم ساعة فقط بعد إنهاء عملية غلق المكاتب، وهي العملية التي تمت في التشريعيات الماضية إلى حد ما، وأدت إلى تضارب في إعلان نسبة المشاركة بطريقة أدت إلى التشكيك الواسع فيما أعلنته السلطة من مشاركة!هذه المرة حجب نتائج المشاركة 20 ساعة يعني إعطاء السلطة نفسها متسعا من الوقت لإعلان نسبة المشاركة التي تريدها، وهذا معناه أن نسبة المشاركة المعلنة لن تكون حقيقية، لأن النسبة الحقيقية كان يمكن أن تحدث ساعة بعد غلق المكاتب وليس 20 ساعة! وفي هذه أيضا دلالة أخرى على سوء تسيير السلطة لملف المشاركة والمقاطعة. والأكيد أيضا أن السلطة حاولت بوسائل الإعلام الحكومية وشبه الخاصة توجيه الرأي العام من الحديث عن نتائج نسبة المشاركة الهزيلة إلى الحديث عن نتائج من فازوا بهذه الانتخابات وهما الأرندي والأفالان! وهذان الحزبان عرف فوزهما مسبقا، حتى قبل إعلان الترشح.2- الغريب في انتخابات هذه المرة هو تدني نسبة المشاركة في الجنوب على غير العادة واتجاهها ضد الأفالان خلافا لما هو معتاد. والأغرب من هذا، قول السلطة إن المرأة هي التي رفعت نسبة المشاركة بعد الظهر بعد أن كانت متدنية قبل الظهر، وهو تفسير غريب! إذا كيف خرجت المرأة هذه المرة للانتخاب ولم تخرج من قبل؟! والحال أن رفع نسبة مشاركة المرأة في مكاتب تصويت النساء كان بوسائل أخرى غير وسائل التصويت الحقيقي، والدليل على ذلك هو تأخر إعلان نتائج المشاركة بـ20 ساعة كاملة.3- نتائج فوز الأفالان والأرندي لم تكن مفاجئة، فلا يمكن لناخبين يتكونون أساسا من الهياكل النظامية ومصالح الإدارة أن يصوتوا لغير حزب الرئيس، لأن ذلك يعني أن الإدارة تعارض الرئيس، وكذلك الأسلاك النظامية، لهذا لا غرابة في فوز حزب الأفالان بنتائج الهزيمة الانتخابية بالمشاركة؟! كذلك، فإن فوز الأرندي بالمرتبة الثانية في هذه الانتخابات يعني أن حزب الوزير الأول الذي عيّنه الرئيس لا يمكن أن يهزم في الانتخابات من طرف الإدارة والأسلاك النظامية، لأن ذلك يعني معارضة هؤلاء لسياسة الرئيس!4- الأكيد أن السلطة تعرف حقيقة الانتخابات وتعرف حقيقة نسبة التصويت وتعرف كيف تمت عمليات تزوير النسبة.. وتأخير عملية إعلان النسبة في حينها خطأ قاتل ستكون تبعاته كبيرة، عندما تتسرب النتائج الحقيقية في معركة ما بعد هذه الانتخابات وبداية المعركة السياسية للرئاسيات.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات