كل ما علق بذاكرتي عن الرئيس الزيمبابوي روبير موغابي أنه كان يعيش مع رفيقه جوشوا نكومو في شقة في العمارة المقابلة لنزل “السفير” وفوق السينما، كانت الشقة واسعة منحتها لهما الحكومة الجزائرية ليمارسا فيها النضال الوطني ضد العميل موزوريوا.وكان موغابي ورفيقه نكومو يعقدان من حين لآخر ندوات صحفية تحضرها الصحافة الوطنية أساسا وبعض مكاتب وكالات الأنباء العاملة في الجزائر. وحضرتُ بعض هذه الندوات التي كانت تتحدث عن تطورات النضال الوطني لزمبابوي.في بداية الثمانينات تحوّلت حكاية الأخوان جوشوا نكومو وروبير موغابي إلى نكتة سياسية في الجزائر. فبعد وفاة بومدين وعقد المؤتمر الرابع لجبهة التحرير، تم تعيين الأخوين محمد الصالح يحياوي على رأس الحزب والعقيد محمد بن أحمد عبد الغاني على رأس الوزارة الأولى، وكان الاثنان يتنافسان على المنصب الثاني في الدولة بعد الشاذلي، وكثيرا ما كانا يشرفان على الاجتماعات المهمة نيابة عن الشاذلي الذي كانت لديه صعوبات في الحديث في بداية عهده. وكانت البلاغات الإعلامية عن نشاط الأخوين عبد الغاني ويحياوي تشبه البلاغات التي كان يصدرها الأخوان جوشوا نكومو وروبير موغابي، لذلك أصبح العديد من رجال الإعلام في قاعات التحرير بالمؤسسات الإعلامية يشبّهون نشاط الأخوين يحياوي وعبد الغاني بنشاط الأخوين موغابي ونكومو، ويشبّهون الشاذلي بـ “العميل” موزوريو! طبعا هذه النكت تقال في قاعات التحرير ولا تنشر أو تذاع.لم نكن نتصور أن موغابي يمكن أن يبطش برفيقة نكومو نظرا للعلاقة النضالية بينهما عندما كانا في الجزائر، لكن يبدو أنهما تعلما مسألة البطش بالرفيق في النضال من الجزائريين، مثلما تعلموا النضال من الجزائريين.. ألم يبطش بن بلة برفيقه في السجن محمد بوضياف؟ وبرفيقه في السجن أيضا آيت أحمد؟ وكذلك خيضر وبيطاط؟ ثم ألم يبطش بومدين برفيقه بن بلة الذي قاد معه معركة ضد الحكومة المؤقتة؟موغابي كان معجبا بتجربة بن بلة في تسيير البلد بعد الاستقلال، فقد بطش برفقائه في النضال وكرر نفس تجربة بن بلة في التعامل مع أراضي المعمّرين بعد الاستقلال، ووصل به الحال إلى طردهم من زيمبابوي مثلما طردهم بن بلة في بداية الاستقلال وأمّم ممتلكاتهم. لكن موغابي تعامل مع الجيش بصورة مختلفة عن بن بلة، ولذلك لم يظهر بومدين جديد من الجيش الزمبابوي ليطيح بموغابي إلا بعد 37 سنة. واللافت أن تنحية موغابي من طرف الجيش تمت بنفس الصيغة التي تمت بها عملية تنحية بن بلة سنة 1965، بل حتى المبررات كانت واحدة.. الحكم الفردي والاستبدادي بالسلطة وانتشار الفساد في محيط الرئيس آنذاك. فإذا كان موغابي اقتبس من الجزائر طريقة حكمه، فهل نقتبس نحن الآن طريق زيمبابوي في التعامل مع الأزمة الحالية لأن الظروف تكاد تتشابه وتكاد تكون واحدة؟ لا أدري.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات