منذ أن أجريت أول انتخابات بلدية في عهد الجزائر المستقلة في 5 فيفري 1967 لم نشاهد حملة انتخابية باهتة وباردة مثل التي تجري الآن.المصادفة الغريبة أن التاريخ يعيد نفسه، ففي 5 فيفري 67 كان الشعب الجزائري يطالب (السلطة الثورية) المنبثقة عن انقلاب 19 جوان 1965 بالعودة إلى الشرعية، وعوض أن تذهب السلطة الثورية إلى تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية، بدأت بالبلديات.الانتخابات التشريعية الأخيرة وما تعرضت له من مقاطعة قياسية وضعت نظام الحكم برمته أمام مسؤولياته من حيث اهتزاز الشرعية، بحيث لم تستطع حتى عمليات التزوير المبرمة ردم الهوة بين الشعب وحكامه والتي تجاوزت العزوف إلى المقاطعة والرفض! كنا ننتظر بعد الانتخابات التشريعية الماضية أن يقول بوتفليقة للشعب الجزائري ما قاله ديغول سنة 1960: “فهمتكم” بعد أن رأى نتائج الانتخابات البلدية التي جرت سنة 1958.يخطئ من يعتقد أن نتائج المحليات ستكون أحسن من نتائج التشريعيات لارتباط المرشحين للمحليات بالواقع المحلي واحتكاك المرشحين بالشعب سواء عروشيا أو مصلحيا أو عائليا أو حتى فساديا.. بل أن نتائج المشاركة في هذه الانتخابات ستصدم السلطة مرة أخرى، خاصة وأن النوعيات التي ترشحت باسم أحزاب التحالف الرئاسي هي نوعيات مرفوضة من المواطنين!ما يلاحظ على الحملة الانتخابية للبلديات هذه المرة هو أنها خجولة، وأن المرشحين يتوجسون خيفة من مواجهة الشعب في الحملة بسبب سمعتهم السيئة، وسمعة من رشحهم، وهذا في الغالب الأعم، ولهذا كانت الحملة باهتة وستكون نسب المشاركة أشد بهوتا. لهذا فإن المتوقع لهذه الانتخابات أن تكون خطوة أخرى تزيد في عمق الهوة بين الشعب وحكامه، وبالتالي تصعّب من مهمة الرئاسيات القادمة، إذا ما أصرّت السلطة على إجرائها بالأحزاب والوسائل التي نظمت بها الانتخابات التشريعية والبلدية!بناء مؤسسات دستورية مدنية (برلمان وبلديات وحكومة) على أساس قوة سياسية انتخابية أقل من الأقلية (10%) هو في النهاية وضع الأسس الجدية لعدم الذهاب إلى أي انتخابات... والعودة بالتالي إلى طرائق اختيار الرئيس بالصيغ التي دأبت عليها السلطة حتى الآن.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات