مشكلة رمي الشباب الجزائري لنفسه في بحر الثقافة الفرنسية، من خلال المشاهد التي سجلت أمام المركز الثقافي الفرنسي مؤخرا، ليست أخطر من رمي الشباب لنفسه في البحر، هربا من الجزائر ولجوئه لأوروبا وفرنسا تحديدا!المشكلة ليست في إقبال الشباب على التسجيل في المركز الثقافي الفرنسي لاجتياز امتحان إثبات المستوى في اللغة الفرنسية... بل المشكلة الأساسية في النظام التربوي الجزائري الذي يدرس اللغة الفرنسية كلغة ثانية في الجزائر بدرجة أهمية الدرجة الأولى، ومع ذلك يتخرج الطلاب من الثانوية أو الجامعة بشهادات لا تعترف فرنسا بمستواهم اللغوي في اللغة الفرنسية.. فتقوم بإجراء امتحانات لهم للتأكد من مستواهم!وعندما يصبح المركز الثقافي لدولة ما هو الذي يقيّم مستوى طلاب تلك الدولة في اللغة، فذاك يعني أن البلد قد تخلى عن كل كرامة له فيما يتعلق بالسيادة! والحل لهذه المشكلة ليس في غلق المركز الثقافي الفرنسي أو استدعاء السفير الفرنسي أو حتى طرد الطلاب بالهراوات البوليسية... بل الحل في رفع مستوى التعليم وتحسينه ليصبح معترفا به في الخارج كما كان من قبل!نعم اللغة الفرنسية أصبحت وسيلة للهربة إلى فرنسا، لكن الانحطاط الحاصل في تحصيل اللغة الفرنسية في الجزائر يتماشى مع الانحطاط الذي شمل أيضا مجالات أخرى، كالطب والتكنولوجيا والدينار ومستوى المسؤولين عندنا، بحيث انحط مستواهم! حتى الدبلوماسية تدهور مستواها، فأصبح تفتيش الملابس الداخلية لوزراء الجزائر في المطارات ليس عيبا! مادام هؤلاء قد قبلوا من قبل أن تفتش الملابس الداخلية لمواطنيهم في المطارات، ولا يعتبرون ذلك مساسا بكرامة البلد ولا أقول سيادته؟!المسؤولون الجزائريون وفروا التعليم المجاني لأبنائهم في أوروبا مثلما وفروا أيضا العلاج المجاني لهم ولعائلاتهم في الخارج! ولذلك أهملوا مستوى التعليم في الجزائر ومستوى الصحة في الجزائر، فأصبح الطبيب الجزائري يحصل على وظيفة ممرض في فرنسا إذا ساعده الحظ وهاجر إلى هناك.. وأصبح التعليم لا يعترف به في الخارج بسبب تدهور المستوى.. وأصبح من يقيّم خريجي الجامعات الجزائرية في اللغة ليس الجامعات الفرنسية بل المراكز الثقافية الفرنسية! ومع ذلك، يتحدث الناس عندنا عن وجود جامعة ووجود وزارة ووجود حتى حكومة؟!كي تجتاز امتحانا في مركز ثقافي فرنسي لتثبت أنك تحسن الفرنسية عليك دفع 10 آلاف دينارا وكان من الواجب أن تدفع فرنسا للجزائريين هذا المبلغ لقاء تدريس الفرنسية. حتى الفيزا، احتكر المسؤولون حكاية جواز السفر الدبلوماسي المعفى من الفيزا لهم ولأبنائهم وتركوا الشعب الجزائري يدفع (15.000) دينار كي يترشح ويسجل نفسه في قائمة طالبي الفيزا في القنصلية الفرنسية، وحين ترفض الفيزا لا يرد المبلغ لأصحابه! حتى باتت فرنسا تموّل نشاطها الثقافي في إفريقيا من طالبي الفيزا المرفوضة للجزائريين[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات