عاد صاحب هذا العمود اليومي في هذه الصحيفة المحترمة الصادرة، يوم الأربعاء الأخير، العاشر أكتوبر، يجتر أحقاده الدفينة للتقليل من البيان الأخير للشخصيات الوطنية الثلاث، حول الوضع الراهن للبلاد. ومما يؤسف له أن هذا الصحافي “المقتدر” الذي تمنيت أن يكون قدوة للجيل الصاعد من الصحافيين، لا يحترم أدنى أخلاقيات المهنة التي تقتضي التحري، وتوخي النزاهة في التحاليل والموضوعية في التفكير والاستنتاج.إن قدرته - وهو الذي تجاوز السبعين محروما من حكمة وتعقل أهل السبعين – تنحصر في توظيف نعمة الكتابة التي منّها الله عليه، في الهدم وليس في البناء، في تشويه الحقائق، وزرع الفتن والضغائن، باحثا عن الشهرة لعل يرتفع له ذكر. لقد سبق له أن حاول في نوفمبر 2014 إثارة الفتنة بيني وبين د.أحمد طالب الإبراهيمي، الذي تربطني به صداقة تمتد لأكثر من نصف قرن، أملا منه في تحويل الصفاء جفاء، والمودة عداء، فكان ردي الذي أخرسه في اليوم الموالي في ذات المكان تحت عنوان “من غربل الناس نخلوه”، وها هو اليوم يقيم دليلا آخر على أن نفسه لا تنعم إلا بالوقيعة، ولا تستريح إلا إلى الإفساد بين الناس، فيعيد الكرّة مفتيا عن جهل ليوسع مجال الفتنة إلى الصديقين علي يحيى عبد النور ورشيد بن يلس، اللذين تعرفت عليها منذ 17 سنة، عندما وقفا مدافعين عن حق “حركة الوفاء والعدل”، التي أسسها د.أحمد طالب الإبراهيمي، في العمل السياسي طبقا للدستور.ها هو، كما يقول، يستعين بحاسة الشم ليكتشف أن الشخصيات الوطنية الثلاث لم تحرر البيان، وإنما حررته أنا (وإن لم يذكرني بالاسم)، واكتفى المعنيون بالتوقيع عليه فقط! بل ذهب إلى حد التقاط ما زعم مكالمات لي مع الأصدقاء، أتفاخر فيها بأني “أنا الذي كتبت هذا البيان”، ولسائل أن يسأل: من أين لك أجهزة التجسس والتصنت التي لا تملكها إلا مصالح الأمن والجيش؟ من هذه المغالطات التي جُبل عليها حتى ظنها حركة تجميلية، انطلق في الشتم والقذف الذي لا يتقن غيره، وكيف لا ومثله الأعلى شاعر الهجاء المخضرم الحطيئة، الذي انتهى ذليلا منبوذا، حتى وجدت القبائل في موته فرجا من حرج وسعة من ضيق.يا صاحب العمود اليومي، عفوا، يأبى القلم كتابة اسمك، إن قضيتنا المحورية هي التفكير في مصير الأمة لدرء الأخطار عنها وحماية مقوماتها، وتنمية روح الانتماء الوطني لدى الشباب، وليس الهرولة به في طريق غير نافذة بزرع اليأس في النفوس وحرمان الناس من بصيص الأمل، والنزول إلى حضيض الشتائم. يبدو لي أن معاني بيان الثلاثي التبست عليك، لأنك تصفه تارة بالفساد، وتارة أخرى بالجدير بالتأمل، وكأنك تريد التشويش على القارئ لصرف اهتمامه إلى أشياء جانبية تافهة، ولكن لصالح من أيها “المعارض”؟ إن أسيادك الثلاثة الذين شرفهم الله بتمكينهم من خوض غمار الجهادين، ومازالوا على العهد باقين في خريف العمر، هؤلاء في غنى عني وعن أي واحد آخر للتعبير عن آرائهم ومواقفهم، لأنهم سياسيون مثقفون معروفون، نشروا مقالات وألفوا كتبا قيّمة يقر بها أهل المستوى، ولو طلبوا مني أي خدمة، لما ترددت لحظة واحدة في تقديمها، لما عهدته فيهم من نكران الذات، ولأن في ذلك خدمة للوطن، وشخصيا مازلت أتعلم منهم كلما جالستهم، أطال الله في عمرهم وأبقاهم ذخرا للوطن.لقد بحثت عنك في الويكيبيديا لأتعرف عليك أكثر، فوجدت هذه الجملة المعبّرة من مصدر محايد، عن مقالاتك: “مقالاته أمست لا تجدي نفعا ولا تحرك ساكنا”.أليس هذا أقسى عقاب يسلط على الصحافي المحترف في أرذل العمر والعياذ بالله؟ وفيما يعنيني شخصيا اكتفي بقول المتنبي:وإذا أتتك مذمتي من ناقصفتلك شهادة لي بأني كاملمحمد السعيد
مكمّلات الناقص أولا: كيف عرفت أنني أقصدك بما كتبت؟ قد تكون تعرفت على نفسك من لفظ أرنب! ولكن بوكروح أيضا “ترنّب” في الرئاسيات! وهو الذي قال إن البيان سرق أفكاره! أم أن الأمر يتعلق بإنكار يفيد التأكيد؟!ثانيا: الركاكة والقلق التعبيري الذي جاءت به محتويات الرد، تدل على أنك لم تكتب البيان، رغم أن ردك لم ينف ذلك! وأترك للقراء الحكم على ما كتبت أنا وكتبت أنت؟!ثالثا: أنت رجل كامل! وتنتظر مذمة من ناقص مثلي لتثبت لنفسك أنك كامل؟! لست أدري كيف كان سيأتي ردك لو لم تحفظ بيت المتنبي هذا؟ وإذا كان ما أكتبه في هذا العمود غير مؤثر، كما تقول، فلماذا قرأته وحملت نفسك عناء الرد عليه، رغم أن الأمر لا يخصك؟!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات