أطرف ما قرأت، هذا الأسبوع، أن شركة سونلغاز مهددة بالإفلاس، لأن زبائنها يرفضون دفع ما عليهم من استهلاك الطاقة... غاز وكهرباء! وأن ديون سونلغاز لدى الزبائن وصلت إلى أرقام فلكية! والطريف في كل هذا أن الشركة اقترحت على الحكومة إنشاء شرطة خاصة بها لمراقبة سرقة المواطنين للكهرباء والغاز! نعم شرطة خاصة للشركة، هكذا والله!منذ سنوات كشفت جريدة “الخبر” أن شركة سونلغاز تقوم بسرقة المؤسسات الحكومية من خلال تضخيم الفواتير الخاصة بالمؤسسات الحكومية التابعة للدولة... ووصل الأمر إلى حد تضخيم فواتير الرئاسة ووزارة الدفاع، وأن أحد أعوان الشركة الذين كلفوا بالعملية قد صحا ضميره، وبلّغ الإعلام بالموضوع... وفتح التحقيق في الأمر، وتمت معاقبة العديد من المسؤولين عن العملية.الطريف في هذه العملية هو أن المواطن يسرق سونلغاز... وسونلغاز تسرق الحكومة... والحكومة تسرق الشعب! وفي النهاية نعيش حلقة مفرغة قوامها أن السرقة لم تعد عيبا أو جرما يعاقب عليه القانون، بل أصبح سلوكا عاديا تمارسه المؤسسات الحكومية مثلما يمارسه المواطن! أليس من حقنا أن نسأل من يسرق من؟!تخيلوا أن سونلغاز تنشئ شرطة لمكافحة سرقة المواطنين للكهرباء.. والحكومة تنشئ شرطة خاصة هي الأخرى لمكافحة سرقة شركة سونلغاز للحكومة، والشعب ينشئ هو أيضا ميليشيات لمكافحة سرقة الحكومة له ولأمواله العامة؟!شيء يدمي القلب بسونلغاز التي ورثناها عن الاستعمار تسير كالساعة، يصل بها سوء التسيير إلى هذه الحالة! وهي الشركة التي تحتكر تجارة الكهرباء والغاز لوحدها في هذه البلاد؟!منذ سنوات، سمعت أن الحكومة تريد أن تستخدم شركة سونلغاز في عملية جمع الضرائب من خلال تحصيل الضريبة على المساكن مع فاتورة الغاز والكهرباء! وهذا معناه تحويل الشركة إلى مصلحة للضرائب لدى الحكومة؟! وليس هذا تداخلا في الصلاحيات، فعندما تقترح سونلغاز إنشاء شرطة لقمع سراق سونلغاز، فذاك لا يعني أنها اعتدت على صلاحيات مؤسسة دستورية التي هي جهاز الأمن!تتذكرون أيضا أن الحكومة استخدمت سونلغاز في السبعينات لجمع ضريبة مشاهدة التلفزة الجزائرية، ففرضت إتاوة مع فاتورة الكهرباء قدرها 70 دينارا مع كل فاتورة، وما تزال هذه الإتاوة سارية إلى الآن، سواء شاهدت التلفزة أم لم تشاهد! حتى أصبح المواطن يسميها ضريبة عدم المشاهدة؟! أليست هذه تسخيرة من الحكومة لسونلغاز كي تتواطأ معها؟! المواطن الذي يتعاقد مع سونلغاز يجد نفسه يدفع إتاوة للتلفزة كعقوبة عدم المشاهدة؟!بهذا المنطق الحكومي السونلغازي سنجد أنفسنا ذات يوم أمام وجود شرطة خاصة لقمع سوء توزيع قفة رمضان، وشرطة خاصة لسوء توزيع السكن والحليب والبطاطا. إنه التفكك الذي يجتاح كل شيء في البلاد!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات