كدت أن لا أكتب عن التغيير الحكومي الجديد خوفا من أنني لن أجد الكلمات التي تعبر بصدق عن بؤس ما حدث، رغم ثراء اللغة العربية بمفردات الشؤم والهجاء، وحتى أساليب المدح بما يشبه الذم.وأعترف أن قاموسي الهجائي في الحكومة والسلطة مبرمج على مستوى معين، وما حدث مؤخرا هو تحت المستوى المطلوب للنقد والهجاء، وهذا سبب الحيرة التي انتابتني وأنا أفكر في الكتابة، وفي النهاية لم أجد أجمل من التعبير عما حدث مما نشرته إحدى القنوات، حيث فتحت نشرة الأخبار بالخبر السعيد الذي أعلن للناس من أن الرئيس بوتفليقة قد أقال تبون وعيّن مكانه أويحيى! وبعد الخبر مباشرة قالت القناة في خبر آخر، إن الجزائريين قد ارتفع استهلاكهم للمهدئات العصبية والعقلية في المدة الأخيرة “الباراسيتامول”! والحق يقال أنني أحد هؤلاء الذين يستهلكون هذه المادة بكثرة، لكثرة الصداع السياسي والإعلامي الذي يجتاحني من سماع أخبار الحكم والحكومة. ولا أخفيكم سرا أنني أفكر في أن أرفع منسوب المهدئات بالذهاب إلى المخدرات! ولعل هذا هو السبب الذي من أجله أصبحت أدافع عن فتح الحدود مع المغرب كي نوفر للشباب الجزائري هذه المادة بكميات معقولة، حتى لا يرمي بنفسه في البحر أو يحرق نفسه أو يحرق البلاد بمغامرة جديدة!رئيس الحكومة الذي يعزل من منصبه ويعود إليه أربع مرات دون أن يحس بأن الأمر غير عادي.. “فمن راح وولّى واش من بنة خلّى”، كما يقول المثل.. فإذا راح وولّي أربع مرات كيف يكون الحال؟! أو أن الشعب الذي يقبل هذا الفعل هو شعب مزطول بالهيروين ولا تنفع فيه حبوب المهدئات الصيدلانية!أحزاب البؤس السياسي الحاكمة تقول إنها لا تناقش قرارات الرئيس، ربما لأنها لم تعد قرارات بشر لها صبغة سياسية، بل ارتقت إلى القرآن وليس الحديث فقط؟!ونصيحتي للشعب الجزائري هي أن يبتلع المهدئات ويسكت!الاعتداء على الدستور في الجزائر يصبح عملا وطنيا جليلا، والعبث بالمؤسسات يعتبر ممارسة الشرعية.. انتخابات يقاطعها 90% من الشعب، ومع ذلك يقال عنها إنها أنتجت أغلبية يمكن استشارتها في تشكيل الحكومة! والجيش لا يمكنه أن يتدخل لفض الاشتباك بين الرداءة والفساد في التداول على السلطة، خوفا من أن يتهم بأنه يمس بالشرعية، شرعية المؤسسات!؟ فالنظام من حقه أن يبتلع قيه، لكن أليس أفضل للشعب الجزائري أن يبتلع المهدئات العصبية ويسكت، خير له من أن يقطع عليه الماء والكهرباء والخبز!أرجو أن لا يحاسبني القراء على هذا الهبوط الاضطراري للمستوى!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات