صدق من قال إن السلطة كالرحى، إذا لم تجد ما تطحنه تطحن نفسها بالتحرش ببعضها، وتتآكل بالاحتكاك ببعضها البعض!الأزمة بين الوزير الأول تبون والباترونة وعبر محيط الرئيس تدل على أن أجهزة الدولة ومؤسساتها قد دخلت في مرحلة جديدة من سوء الأداء والارتباك، قد يؤدي إلى كوارث في تنسيق أعمال السلطة تكون آثارها على أداء المؤسسات ألعن من الفساد وسوء التسيير الذي طبع مؤسسات الدولة في السنوات الأخيرة.عندما نعرف بأن دوائر في الرئاسة سرّبت المعلومة التي تقول إن تبون قابل الوزير الأول الفرنسي دون علم الرئاسة.. ويقول تبون إنه فعل ذلك بعلم الرئاسة ومباركتها.. فذاك معناه أن من أبلغ تبون أن الرئيس يسمح له بمقابلة الوزير الأول الفرنسي، وفي نفس الوقت لم يبلغ الرئيس بالأمر أو تكلم باسمه، ثم وضع الخطأ على عاتق الوزير الأول تبون، فهذا يعني أن النية كانت مبيتة للإساءة للوزير الأول.. زيادة على أن من أبلغ تبون بموافقة الرئاسة على اللقاء هو من أبلغ الرأي العام بأن تبون قابل الفرنسيين من دون علم الرئاسة.. مثل هذه الوقائع تدل على أن الأمر له علاقة بمكيدة هابطة المستوى والأداء للإيقاع بالوزير الأول. فضلا عن أنها عبث بمؤسسات الدولة وبسمعة البلاد. وينبغي أن لا يمر الأمر هكذا دون تحقيق ودون عقاب، وهذه أيضا أحد أخطاء بقاء باريس دون سفير جزائري عدة شهور؟!الأزمة كشفت فعلا عن خلل رهيب في تدفق المعلومات والتوجيهات الصحيحة بين الرئيس ورجال الدولة، إلى درجة أن الأمر أصبح يضرب سمعة البلد واستقراره في العمق. فالفرنسيون أصبحوا يعرفون أن الجزائر أصبحت تسير بالكمائن السياسية.هل يعتقد هؤلاء الذين يتلاعبون بعلاقة الرئيس بمؤسسات الدولة خارج الأطر النظامية، من خلال العبث بتعليمات الرئيس.. هل يعتقدون أنهم يبنون قوة الرئيس وقوة حكمه وتحكمه في الأمور؟!الفرنسيون هم الآن يضحكون على هذا الفصل البايخ الخاص بهجوم الرئاسة على وزيرها الأول، لأنه قابل نظيره سواء بإرادته أو بإرادة من ضلله بإجراء هذا اللقاء قصد الإيقاع به! هم يعتقدون أن إضعاف تبون بهذه المسرحية هو إضعاف لشخصه.. في حين أن الأمر يتعلق بإضعاف حكم الرئيس بوتفليقة برمته! وليس إضعاف تبون وحده! فما معنى أن الرئاسة لا تستطيع حتى التحكم في إجراء لقاء غير رسمي بين وزيرها الأول ونظيره الفرنسي؟! هل يمكن أن يطمئن الفرنسيون إلى تحكم هذه السلطة في الأمور في بلد ماتزال فيه المصالح الفرنسية تعادل المصالح الجزائرية أو تفوق؟! أزمة تبون مع الباترونة وامتداداتها في الرئاسة يجب أن تؤدي إلى إصلاح عميق في حكاية القنوات التي يستخدمها الرئيس في الاتصال بالمسؤولين في الدولة؟!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات