عشرات القضاة مستاءون لما أسفرت عنه الحركة الأخيرة التي أجراها وزير العدل في قطاعهم.. قضاة قضوا عشرات السنين في الصحراء لم تطلهم الحركة ولم تُدرس طلباتهم حتى، وآخرون لم يلتفت لوضعياتهم العائلية أو الصحية المزرية، وآخرون تم تحريكهم بخرق القانون، فهل هذه هي الإصلاحات “العميقة” التي بشر بها عرابو الدستور الجديد؟كيف يفسر لنا “المفسرون” أن الحركة التي أجراها المجلس الأعلى للقضاء “المستقل” الذي ترأسه وزير السلطة التنفيذية يوم الخميس الفارط قد طالت بعض القضاة غير المعينين أصلا بمرسوم، وطالت عشرات القضاة الذين تم تقريبهم دون أن يستوفوا شرط المدة القانونية، كما شملت قضاة يغيرون أماكن عملهم سنويا كلما شاءوا “بالهاتف النقال”، بل وشملت قضاة آخرين يمنعهم القانون من الحق في طلب التحريك.بإمكان وزير العدل أن يراجع الحركة التي أعدتها “مصالح دائرته الوزارية”، وكذلك الحركة التي سبقتها، بل وما قبلها من “حركات قضائية”، ليكتشف أسماء عشرات القضاة من الدفعات الأخيرة المتخرجة غير المعينين أصلا شملتهم الحركة دون أدنى اعتبار للقانون الأساسي للقضاة، ولا للاستحقاق، في وقت يتبجح الجميع بالنزاهة ورفع مستوى التكوين والكفاءة.حين يتخرج القضاة من مدرستهم يكون معيار ترتيبهم بالمعدل هو الفيصل في اختيار أماكن عملهم، غير أن أيادي “الرداءة” بإمكانها قلب المراكز وتعيين “من تريد” في “أي محكمة تريد”، وقوائم الحركة خلال السنوات الثلاث الأخيرة موجودة وتشهد بأن بعض من كانوا في ذيل الترتيب أصبحوا يعملون بجوار منازلهم.إذا كان هذا هو حال من “يحكمون باسم الشعب”، فكيف حال الشعب المغبون الذي ليست له علاقات نفوذ برجال المال والسياسة والمديرين المركزيين الذين يتفننون في تلبية أمنيات نقل بعض القضاة؟ كيف لهؤلاء أن يحاكموا الناس وهم يستعملون “أساليب النفوذ والتدخلات” لتلبية رغباتهم واختيار مناصبهم، وهم من يُفترض فيهم الحياد والاستقلال والبعد عن الشبهات؟كيف سنصدق قصة “استقلالية القضاء”، وكيف لنا أن نتصور إمكانية القضاء على “الفساد”، والقطاع الأول المكلف بقمع الفساد يعاني من الرداءة والمحسوبية وتورط “بعض” المنتمين إليه في علاقات مشبوهة؟ما حدث في السنوات الأخيرة من أساليب نقل القضاة وتعيينهم في المناصب النوعية ذكرني بالقرون الوسطى حين كان القضاة يشترون مناصبهم بالأموال والتزلفات من ذوي النفوذ فيخلدون في مناصبهم حتى الموت.حان الوقت لفتح ملف السلطة القضائية في الجزائر وملف “المناصب النوعية” في هذا القطاع، وملف “التحويلات غير القانونية” والترقيات “المشكوك فيها”. فلا صلاح ولا إصلاح للدولة بغير إصلاح القضاء والشفافية وإنصاف “الشرفاء” من القضاة.إنها دعوة لدولة الوزير الأول الذي أقام برنامجه على محاربة الفساد أيًّا كان مرتكبوه.خولـة – الجزائــرقد يكون كلامك يا خولة في الصميم هذه المرة.. الأكيد أيضا أن بعض أنواع القضاة يتحملون جزءا من المسؤولية فيما يحدث.. قد يكون الوزير وجهازه التنفيذي يتحمل جزءا من المسؤولية فيما ذكرت، لكن الأمر ليس فقط فساد النظام، بل له علاقة أيضا بالقابلية للفساد من أعوان النظام؟[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات