ترى ماذا حصل في علاقة رجال المال والأعمال بالدوائر الحساسة والمؤثرة في السلطة؟كل الناس تعرف أن زعيم “الباترونة” حداد قد جاء إلى هذا المنصب على أشلاء زملائه في المنظمة لأنهم رفضوا تمويل الحملة الانتخابية للعهدة الرابعة من حر مالهم! كما رفضوا أو رفض بعضهم مساندة العهدة الرابعة فتم إبعادهم بتلك الطريقة الكاريكاتورية التي تمت بها العملية... وتم تنصيب حداد على رأس المنظمة لأنه كان طيعا ماليا وموافقا في تأييد وتمويل العهدة الرابعة.! فماذا حدث حتى ينزله سلال من قاعة المؤتمرات في نادي الصنوبر في مؤتمر التنمية في إفريقيا.! وماذا حدث أيضا حتى يتم طرد حداد من اجتماع بالمدرسة العليا للضمان الاجتماعي في بن عكنون لأن الوزير الأول تبون لا يريد رؤيته.! وأن سيدي السعيد زعيم النقابة الحكومية يتضامن مع حداد وينسحب من الاجتماع.!في لقاء الثلاثية توسط سيدي السعيد لحداد لدى الوزير الأول سلال من أجل السماح له بالحديث باسم “الباترونة”... وقبل سلال الأمر على مضض لمعرفته غضب الرئاسة على حداد.! واعتبر سيدي السعيد وحداد أن الأمور بين حداد “الباترونة” والسلطة قد عادت إلى مجاريها.! ولكن الواقع غير ذلك تماما.! لأن الرئاسة غضبت غضبة “مُضَرِية” على حداد لأنه انحاز للمجموعة التي يتزعمها سلال عندما كان وزيرا أول... وبدأ التحالف بين المال والحكومة لترتيب خلافة بوتفليقة.. ولذلك أمرت الرئاسة سلال بإنزال حداد من منصة الخطابة في مؤتمر الأفارقة في نادي الصنوبر.. والهدف هو إهانة حداد بزميله وحليفه سلال وإحداث شرخ بينهما.! وهو ما حدث فعلا.. فتصرف سلال ضد حداد في مؤتمر الأفارقة لم يكن بإرادته بل كان بأمر من الرئاسة، ونفذه سلال على مضض، ولهذا استجاب سلال لوساطة سيدي السعيد في لقاء عنابة وتفاهم مع حليفه السابق حداد.عندما تولى تبون الوزارة الأولى أطلق التصريح الذي يقول فيه “لابد من الفصل بين المال والسياسة أو السلطة”! وكان بالفعل يعني ما يقول... فالأمر يتعلق بقص أظافر حداد وما يمثله من مال وزمرة سياسية مؤثرة وفاعلة. وجاء التفسير لما قاله تبون سريعا حين رفض تبون لقاء حداد في اجتماع بن عكنون.! فالأمر إذًا له خلفية وليس تصرفا غير محسوب من طرف الوزير الأول.يبقى السؤال المحير: كيف وصل حداد إلى أن أصبح ثالث الأثافي في السلطة الاقتصادية في الجزائر إلى جانب الحكومة والنقابة؟! صحيح أن وضع السلطة “هش” للغاية وهي تتمسك بأية قشة للنجاة.. ولكن النقابة أيضا “هشة” وتتمسك بقشة السلطة للبقاء، وحتى “الباترونة” هي الأخرى أكثر هشاشة، لهذا تتمسك بقشة الحكومة وقشة النقابة للبقاء... لأن “الباترونة” تعرف بأنها لا تصنع الثروة بل السلطة هي التي تصنع “الباترونة” ومعها الثروة. ولهذا من السهل أن تهدم السلطة “الباترونة” متى أرادت... ولكن “الباترونة” لم تصل بعد إلى المرحلة التي يمكن فيها أن تساهم في تهديم السلطة.. والمثل الربرابي ما يزال قائما.! لكن السؤال في كل هذا هو: أين هي قيم وأخلاق الدولة في تنظيم النزاعات السياسية بين الزمر على مستوى السلطة؟!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات