حدثني مواطن من ولاية سكيكدة عن ظاهرة التفكك في أجهزة ومصالح الدولة... وتتعلق هذه الظاهرة بغزو الفساد والرشوة حتى للقطاعات الحيوية في الإدارة والتي لها علاقة بإنجاز المشاريع في آجالها.!المواطن قال لي: إن هناك عمارة في سكيكدة استمر بناؤها عشر سنوات كاملة ولا يزال البناء متواصلا... وربما سيتم بناء هذه العمارة في 18 أو 20 سنة! لأن المؤسسة العمومية صاحبة المشروع باعت هذه العمارة للمواطنين منذ 10 سنوات وهي عبارة عن مخطط.. والتزمت بتسليمها للمواطنين بعد 18 شهرا.. ولكن حتى الآن مرت عشر سنوات كاملة والمشروع ما يزال في المنتصف من حيث الإنجاز!القضية لها علاقة بمصالح الرقابة على البناء (C.T.C) فهذه المصلحة لم تقم بدورها في إنجاز الرقابة الجدية على الدراسات التي قدمتها المؤسسة المنجزة للمشروع.. وانطلق المشروع دون أداء (C.T.C) لدورها في الرقابة القبلية.. ثم بعد ذلك قامت مصالح الرقابة بتوقيف المشروع لأسباب تقنية بعضها له علاقة بأخطاء في إعداد الدراسة الأولية وبعضها الآخر له علاقة بما يمكن أن يكون ابتزازا من مصلحة (C.T.C) للمؤسسة المنجزة أو حتى للمقاول الذي تعاقد مع المؤسسة المنجزة لإنجاز المشروع. فاختلط الفساد بالخوف من الغش في الإنجاز ليعطل المشروع 10 سنوات كاملة!الرقابة التقنية للبناء في الولايات أصبحت فعلا بعبعا يهدد المؤسسات والمقاولين بالرقابة البعدية أو المصاحبة أو حتى الرقابة الأولية... وأصبحت مصالح عديدة من هذا الجهاز الحيوي في مراقبة البناء عبر الولايات ساحة للفساد والابتزاز والرشوة... لأن الصلاحيات الواسعة التي أعطيت لهذا الجهاز في مراقبة البناء وتقدم المشاريع لم تصاحبها وسائل أخرى لرقابة أداء هذا الجهاز.. فأصبح المقاولون الذين لا يدفعون لهذا الجهاز تحت الطاولة تتوقف مصالحهم سواء بالبيروقراطية القاتلة أو بالدراسات المتشددة حسب المقاس! خاصة وأنه لا يوجد جهاز يراقب هؤلاء المراقبين في أداء مهامهم وفق القانون، وحيث تختفي الرقابة بنمو التعسف في استخدام الحق والقانون. فالكثير من التأخرات في إنجاز المشاريع في الولايات لها علاقة بسوء أداء جهاز الرقابة التقنية للبناء لمهامه في الوقت المناسب وبالوسائل المناسبة سواء لأسباب بيروقراطية لها علاقة بقلة الكفاءة أو لأسباب متعمدة لها علاقة باستقلال النفوذ والابتزاز.إذا أرادت حكومة تبون أن تطلق المشاريع الإنمائية (وخاصة في البناء) من عقالها عليها أن تسلط الضوء على ظاهرة الفساد المستشري في مرفق (C.T.C) المتواجد عبر الولايات... فإنجاز عمارة في 18 سنة عوض 8 أشهر بسبب (C.T.C) معناه أن هناك أشياء غير طبيعية في هذا المرفق الحكومي الحيوي للتنمية الوطنية.!يجب الإصغاء للمقاولين والمؤسسات العامة والخاصة في موضوع التعسف في استخدام السلطة من طرف هذا الجهاز، ليس لضمان سلامة البناء ولكن للابتزاز والرشوة.. لو يفتح ملف هذا المرفق سنكتشف العجائب.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات