هذه المرة لا يمكن أن يشكك أحد في أن الرسالة التي وجهها الرئيس بوتفليقة للشعب الجزائري بمناسبة الاحتفال بالذكرى (55) للاستقلال.. هي رسالة صادرة فعلا عن الرئيس.. حتى لو كتبت من طرف محيطه للأسباب التالية:1- فكرة اعتبار مرحلة الشادلي بن جديد هي سبب مشاكل الجزائر، هي فكرة الرئيس بوتفليقة.. وكان يرددها قبل أن يتولى المسؤولية في 1999 ورددها في خطاباته العديدة عندما تولى المسؤولية.. رددها والرئيس الشادلي حي يرزق.. ورددها والرئيس في ذمة الله.. وأكثر من هذا، فإن ما حدث في العشرية الحمراء يرجعها بوتفليقة إلى ما حدث في الثمانينيات من القرن الماضي.نعم، قد يكون من كتب الرسالة للرئيس بوتفليقة متابعا جيدا لخطابات الرئيس بوتفليقة عندما كان يصول ويجول في التلفزة وفي الولايات وفي الاجتماعات الوطنية والدولية، ولهذا نقول: “إن الرسالة حتى ولو لم يكتبها الرئيس، فهي في هذه تعبّر فعلا عن موقف الرئيس السياسي.2- الرسالة أيضا ضمت حكاية التأريخ للجزائر من 1999؛ أي منذ أن تولى الرئيس بوتفليقة السلطة.. وهذه أيضا فكرة من أفكار بوتفليقة. صحيح أن رجاله المحيطين به بالغوا (في بعض الأحيان) في اعتبار سنة 1999 هي سنة ميلاد الجزائر.. لكن الصحيح أيضا أن الرئيس شجع على تداول هذه الفكرة على نطاق واسع لتبيان الفرق بين حكمه وحكم من سبقه.3- حكاية الانجازات غير المسبوقة التي تمت في عهد بوتفليقة، هي أيضا فكرة بوتفليقة.. وهي فعلا انجازات غير مسبوقة.. لكن أيضا جاءت بفعل ظرف بترولي غير مسبوق.وليتذكر المواطن أن بومدين أنجز ما أنجز ببترول سعره لا يتعدى الدولارين في مرحلة من المراحل.. وبكميات إنتاجية لا تتجاوز 200 ألف برميل يوميا.والشادلي أنجز ما أنجز بإنتاج بترولي لا يتجاوز 800 ألف برميل وبسعر لم يتجاوز 40 دولارا للبرميل.اليوم إنتاج الجزائر حوالي 1.5 مليون برميل وضعفه إنتاج الغاز وسعره في عهد بوتفليقة لم ينزل عن 100 دولار إلا مؤخرا.. أي أن إمكانيات البلد المالية ضربت في 10 على الأقل، ولكن الإنجازات كانت كبيرة بالنظر للسابق، ولكنها كانت هزيلة بالنظر للإمكانيات المرصودة.. ففي السكن مثلا؛ أنجز بومدين 1000 قرية، لكل قرية 500 مسكن، زيادة على السكن العادي.. وهذا معناه أنه كان ينجز سنويا ما لا يقل عن 50 ألف سكن.. وجاء الشادلي فأصبح ينجز حوالي (100.000) سكن سنويا.. فإذا أنجز بوتفليقة في 18 سنة (3) ملايين سكن، فهذا يعني أنه كان ينجز 200 ألف سكن كل سنة، أو هي نسبة غير بعيدة عن سابقيه بالنظر إلى حجم الإمكانيات وحجم التطور.. رغم ما يقال عن أن إنجاز 3 ملايين سكن رقم غير صحيح، فمنه السكن الريفي والسكن الخاص، وهي أرقام غير مضبوطة! لكن السؤال المحير: لماذا عمد الرئيس الآن للحديث عن حصيلة إنجازاته؟
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات