تابعت “مناقشات” النواب لبرنامج الحكومة، ويا ليتني ما فعلت.. فقد أصبت باكتئاب تحالف مع جوع الصيام فهدّا كياني.. وكدت أن آكل رمضان نكاية في الحكومة التي يقول دستورها الإسلام دين الدولة.! يعني دين الحكومة.! والحكومة التي تستمع إلى مثل تلك المناقشات من حق السامع أن يخرج من دينها!القاعة فارغة كالعادة.. والذي يتحدث من النواب يتحدث إلى الكراسي الفارغة.. ويجهد نفسه في الخطابة ليسمعه أحباؤه وليس زملاؤه في البناية أو الحكومة.!حتى الحكومة مقاعدها فارغة، فلا يستمع الوزراء إلى ما يقوله النواب في برنامج الحكومة.. لأن ما يقوله النواب لا يستحق أن يستمع إليه الوزراء.. ولذلك بقيت مقاعد الوزراء شاغرة من أغلب الوزراء عند المناقشة، تماما مثلما أن مقاعد النواب شاغرة أثناء النقاش “الجدي والجاد لبرنامج الحكومة”!المصيبة أن الوزراء لا يهمهم ما يقوله النواب في برنامج الحكومة لهزال محتوى التدخلات.. وأيضا أية قيمة تقدم للرأي العام الوطني عندما يرون الحكومة والنواب يناقشون أهم برنامج وطني بهذه الطريقة الهزيلة؟ وينشرون على الرأي العام صورا لهذه المهزلة.!طبعا الحكومة على حق في أن لا يهتم وزراؤها بما يقوله النواب، لأن الأحزاب الحاكمة أعطت تعليمات للنواب بالتصويت لصالح برنامج الحكومة مهما كان محتواه.. والنقاش الذي يعطى للنواب مجرد مسألة شكلية، لهذا غاب الوزراء عن المناقشة، وغاب النواب عن الاستماع للمتدخلين، وفوق هذا وذاك غابت الجدية والنوعية في التدخلات، ولم يناقش النواب برنامج الحكومة، بل راحوا يتحدثون عن أشياء أخرى لا علاقة لها ببرنامج الحكومة أو حتى بممارسة النيابة.!المصيبة أن عدد المتدخلين بلغ زهاء 300 نائب من مجموعة 462 نائب الذين برهنوا أنهم في الحقيقة نوائب الأمة.!وإذا كانت أول جلسة بين البرلمان والحكومة تكون فيها الغيابات وعدم الجدية في النقاش بهذه الصورة.. فلكم أن تتصوروا الحالة بعد 3 أو 4 سنوات من النيابة.الدستور يقول: “النيابة وطنية”، أي أن النائب عندما ينتخب يخرج من صفة تمثيله للدوار الذي انتخبه ويصبح له مهمة وطنية، لكن الرداءة وسوء الفهم النيابي والسياسي عندنا حوّلا النيابة إلى تبعية للأحزاب وليس للمنتخِبين.! ولذلك فقدت النيابة معناها الدستوري، فأصبحت النيابة نيابة عن الأحزاب، وليس نيابة عن الشعب.! برلمان نوابه يسيّرون بتعليمات حزبية في المناقشة والتصويت على قضايا مصيرية للأمة هم في الحقيقة نوائب وليس نوابا[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات