الحكومة الجديدة يرى فيها العديد من الملاحظين أنها خطوة جريئة في زيادة القطيعة مع الشعب، تضاف إلى القطيعة التي أحدثتها الانتخابات التشريعية الأخيرة! صحيح أن الرئيس بوتفليقة يكون قد أخذ بعين الاعتبار صوت أغلبية المقاطعين للانتخابات، ولم يشكل الحكومة من الأقلية الموالية للسلطة التي فازت بانتخابات مزورة يعرفها الجميع!لكن العجلة في تشكيل الحكومة أبان عن ارتباك كبير في السلطة عكسته تشكيلة الحكومة، فلم يكن الرأي العام ينتظر حكومة بمثل هذه المواصفات:1 - الحكومة تشكلت خارج الشكليات التي جاءت في التغييرات الدستورية الأخيرة، فالمشاورات مع الأحزاب تمت من طرف وزير أول راحل، وتمت قبل إعلان النتائج النهائية للانتخابات من طرف المجلس الدستوري، وتم تعيين الوزير الأول الجديد على أساس هذه المشاورات، ولم تعط له حتى فرصة المشاورات لتشكيل طاقمه الحكومي! حتى ولو كانت هذه المشاورات شكلية!2 - تشكيل الحكومة هذه المرة جاء خاليا من تأثير أصابع المؤسسة العسكرية، سواء المؤسسة العسكرية العادية أو المصالح الأمنية التي كانت عادة تضع بصماتها في تشكيل الحكومة. لهذا، لاحظ الجميع أن هذه الحكومة كانت حكومة مناصب وليست حكومة سياسية، وقد اتضح في هذه الحكومة أن تيارا قد انتصر على تيار آخر، وتجلى ذلك في إبعاد وزراء النقل والفلاحة والمالية والصناعة.3 - لاحظ الجميع أن الولاة الذين تمت ترقيتهم إلى وزراء هم الولاة الذين نجحوا في السيطرة على عملية التزوير لصالح الأفالان، فيما تم تعيين وزراء آخرين بناء على علاقات شخصية وولاءات.4 - الوزراء الذين تم إبعاد بعضهم ظهر كما لو كان إبعادهم هو تصفية حسابات، مثل حالة لعمامرة الذي أبعد من الخارجية، وحالة بوطرفة الذي أبعد من الطاقة وكذا حالة بوشوارب.5 - تشكيل هذه الحكومة أغضب الجميع بمن فيهم قادة أحزاب الموالاة، وارتاحت له أحزاب المعارضة التي شاركت في الانتخابات.6 - تشكيل الحكومة أيضا كشف عن إخلال بسياسة توزيع حقائب الحكومة على الجهات الوطنية، باعتبار أن التوازن الجهوي في الحكومة ومؤسسات الدولة مسألة يجب أن تراعى.ويبدو أن حكاية حسم الصراع حول كرسي الرئاسة قد أعمى الجماعة التي شكلت الحكومة، فأهدرت في تشكيل الحكومة كل القيم المتعلقة بالتوازن الجهوي والتمثيل الفئوي والسياسي.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات