نعم.. الفريق ڤايد صالح على حق... ما كان لأشباه السياسيين الذين ترنّبوا في الانتخابات الأخيرة أن يوجهوا للجيش تلك الانتقادات التي برروا بها خيبتهم في الانتخابات! لكن أيضا يجب أن نطرح قضية مشاركة الجيش في الانتخابات بتلك الطريقة طرحا جيدا... ونتساءل هل من الصواب إقحام الجيش في مثل هذه الانتخابات بتلك الطريقة دون انتظار ملاحظات من أشباه السياسيين؟!1- نعم الانتخابات سياسة، وممارسة السياسة لا يخلو من التراشق بما لا يليق، وكان على أفراد الجيش أن لا يحشروا أنفسهم في مستنقع السياسة الآسن في الجزائر حتى لا يصيبهم ما تحدث عنه الفريق ڤايد صالح، خاصة وأن ليس هناك أي مبرر مقبول دستوريا وقانونيا وسياسيا يجعل الجيش يقدم على إجراء هذا التصويت خارج الثكنات بالطريقة التي جرت بها العملية. نعم.. نقولها مع الفريق ڤايد صالح، يجب إبعاد الجيش عن المهاترات السياسية.2- لاحظوا أنه إذا كان ما قالته لويزة حنون حول تصويت الجيش صحيحا من أن هناك تصويتا “وقفيا” على حزب أو أحزاب معينة، فتلك مصيبة، لأن الجيش في هذه الحالة تسيّس وانحاز إلى تيار سياسي بعينه، وهذا في حد ذاته لا يخدم سمعة الجيش وحياديته إزاء التيارات السياسية المتواجدة في البلاد.أما إذا خالف الجيش ذلك بتعليمات ومارس الحياد السياسي، كما يقول قائد الأركان، فهذا أيضا يطرح إشكالا سياسيا آخر لا يقل خطورة عن الإشكال الأول! فمن الناحية الأخلاقية السياسية، كيف للجيش أن يصوّت ضد الحزب الذي يرأسه رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، دون أن يحس المصوّت والصوّت ضده بخلل في الموضوع؟المشكلة تكون أكثر قتامة إذا قلنا إن الجنود الذين صوّتوا مدنيا قد صوّت أغلبهم بالورقة البيضاء.. أي أنهم انضموا إلى غالبية الشعب الذي قاطع هذه الانتخابات... هل مثل هذا التصرف من الجنود لا يثير تساؤلات حول تصرف هؤلاء الجنود مع المؤسسة السياسية الحاكمة في البلاد؟! من خلال التعبير عن رفضهم لها بالورقة البيضاء؟!3- هناك قضية أكثر خطورة مما سبق ذكره وهي: ما مدى دستورية تصويت الجنود في المراكز القريبة من مقرات ثكناتهم؟! فالأصل في التصويت دستوريا على النائب أن يكون المصوّت يعرفه ويسكن في دائرته الانتخابية، فهل تصويت الجنود على نواب لا يعرفونهم يحقق هذا الشرط القانوني والدستوري؟! هل يحق للجنود أن يختاروا مكان سكان الدائرة من يمثلهم في البرلمان؟! خاصة إذا تم ذلك بالتصويت “الوقفي” وتم بالأغلبية المصوتة التي تشكل الأجهزة النظامية ولا تمثل سكان الدائرة الانتخابية؟! أليس انتخاب برلمان بهذه الطريقة في العديد من الدوائر يعد عملا غير دستوري ويبطل الانتخابات من أساسها؟!فلا يعقل دستوريا أن يختار الجنود النواب مكان شعب الدائرة الانتخابية؟ مثل هذه الممارسات تعرض مؤسسات الدولة كلها إلى أزمة شرعية تضربها في العمق.بعد هذا كله ألا يحق لنا أن نفتح نقاشا جديا حول مسألة مشاركة الجيش في السياسة بهذه الطريقة الانتخابية.إنه ليس عيبا أن نناقش مثل هذه القضايا المتصلة بأهم مؤسسة سيادية في البلاد حتى نصل إلى حلول جدية تعصمها من التلوث بالأدران السياسية التي أشار إليها الفريق ڤايد صالح مشكورا!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات