+ -

كتب الصحفي سعد بوعقبة: “في الماضي استعمرتنا فرنسا وحوّلت الصحراء إلى حقل تجارب نووية، ومارست ذلك كدولة فرنسية.. لكن الآن البلاد أصبحت تحت رحمة شركة وليس دولة!”. ويتساءل الأستاذ سعد: “ما هي الشركات التي أصبحت الحكومة الجزائرية عاجزة عن إلغاء عقودها التي تخص الغاز الصخري؟!”.أستسمح أستاذنا سعد أن أشاركه في النقاش قصد مراجعة بعض المعطيات، ليس بغرض التصحيح وإنما بغرض التدقيق. يحاول السيد سعد أن يميز بين الجزائر التي احتلتها الدولة الفرنسية وبين جزائر اليوم التي أصبحت تحت رحمة شركة.ليست الدولة في المحصلة سوى أداة تمتلكها القوى النافذة، وخلف هذه القوى يقف المال بكل جبروته، وبطبيعة الحال فإن معقل هذه القوة هو الشركات، وبالتالي فإن فرنسا حينما عزمت أن تحتل الجزائر فهي فعلت ذلك تطبيقا لأوامر أصحاب المال والأعمال وتلبية لرغباتهم، بحثا لهم عن متنفس جديد جراء الثورة الفرنسية التي قلصت من نشاطهم في بلدهم فرنسا.إذن، فلا فرق بين المحتل والمستثمر، بل يمكن القول إن “المحتل” لم يرحل، لقد استطاع أن يغير “الدولة الفرنسية” بدولة أخرى سهرت على مصالحه على أحسن ما يرام، بل كانت أفضل من الدولة الفرنسية، باعتبار أن الدولة الفرنسية كانت تتوفر على قوانين تتيح لأعداء هذه الشركات إمكانية مراقبتها ومحاسبتها، وأعداء هذه الشركات هم الجمعيات الحقوقية وأنصار البيئة ومكونات المجتمع المدني، فما حدث يا أستاذ هو أن “توتال” وأخواتها هي التي استقلت وتحررت من “دولة الحق والقانون” وليس الشعب الجزائري، وهذه الشركات أصبحت لها “دولة” جاهلة خدمتها بسخاء.التجارب النووية التي قامت بها فرنسا منذ سنة 1960، بلا شك، كانت بتخطيط من الشركات، وهذه التجارب استمرت حتى في عهدي الرئيسين بن بلة وبومدين، فأين كانت الدولة الجزائرية المستقلة؟للأسف، لقد خسرنا الجانب المضيء في فرنسا، لقد نجح “المخطط” في فصل الجزائر عن الإرث التنويري الفرنسي؛ حرم الجزائر من التواصل مع الجمعيات الحقوقية بفرنسا والجمعيات الأيكولوجية والمدنية وطبقة المثقفين الإنسانيين، ونجح هذا “المخطط” في تمكين الشركات المفترسة بدوائرها البنكية والاستخباراتية من أن تجعل من الجزائر ملاذها المثالي.المغاربي: سعد هادف

إضافاتك مهمة، وملاحظاتك دقيقة.. لكن لا أتفق معك في موضوع اتهام الرئيسين بن بلة وبومدين بترك فرنسا تجري التجارب النووية في الصحراء حتى 1966.اتفاقيات إيفيان التي وقعتها الحكومة المؤقتة مع فرنسا في 18 مارس 1962 نصت على بقاء القوات الفرنسية في الصحراء والمرسى الكبير لمدة 25 سنة، وكذلك بقاء الكولون كمواطنين جزائريين لهم كل الحقوق السياسية.والفضل للّه ثمّ لبومدين وبن بلة أنهما تمكنا من إحداث ثورة ثانية في إدارة نتائج اتفاقيات إيفيان بعبقرية فريدة من نوعها مكنت من زرع الرعب في صفوف الخونة والحركى والكولون، فرحلوا عن الجزائر وتحررت الأرض التي كان يمكن أن تبقى محتلة من الكولون كما هو الحال في جنوب إفريقيا أو ناميبيا أو أنغولا. وما قام به بومدين وبن بلة سنة 1962 هو “نوفمبر جديد”.وبومدين كان له الفضل في جعل آخر جندي فرنسي يغادر الجزائر من الصحراء والمرسى الكبير سنة 1967. فلا نظلم الناس، والتجارب التي أجريت حتى سنة 1966 كانت في سياق الاتفاق الذي تم في 18 مارس مع الحكومة المؤقتة، ولا توجد وثيقة رسمية جدية تدل على أن التجارب العسكرية استمرت بعد 1967، وكل ما هنالك إشاعات لا دليل عليها.. ولا أتصور أن الرئيس الذي يؤمم المزارع والمصانع يمكن أن يرخص للعساكر الفرنسيين بإجراء التجارب.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات