الأكيد أن الجزائريون قد شاهدوا فيلم معركة الجزائر أكثر من مرة ، والأكيد أنهم لن يملوا منه لو شاهدوه مرات ومرات ، لانهم يكتشفون فيه ، في كل مرة ، زاوية جديدة ، فكرة جيدة وحتى قراءة سياسية حديثة ، رغم مرور عقود عن انتاجه وإخراجه من طرف الايطالي جيلو بنتيكورفو . ومن بين الأشياء التي مازالت تتداولها ألسنة الجزائريين في يومياتهم وأحاديثهم ومناقشاتهم في الحي ، المقهى وحتى في المدرسة والجامعة ، هي مقولة الممثل ابراهيم حجاج الذي تقمص شخصية "علي لابوانت " في فيلم معركة الجزائر " لازم تتبدل العقلية في القصبة " .
هذه المقولة التي رددها "علي " ايذانا ببداية القطيعة مع العهد القديم وبداية مرحلة أخرى ، حملت معها تغيير جوهري في قواعد اللعبة يومها في القصبة التي كانت تتهيأ لـ " معركة الجزائر ". لم تكن " العقلية " التي طالب لابوانت بضرورة تغييرها يومها طبعا ، تتماشى مع متطلبات العهد الجديد ، وهي ارساء مخطط "المعركة " لزعزعة أركان النظام الاستعماري في العاصمة . لم يكن بالوسع بناء ذلك المخطط مع استمرار نفس السلوكات و الممارسات والتواطئات المشينة و"الرجلة " المزيفة السابقة ، ولم يكن أيضا بالإمكان فتح عهد جديد دون تغيير جذري ليس على مستوى المظهر الخارجي ، بل لابد من " تبديل العقلية " ، ما يعني بالمفهوم السياسي الحالي ، احداث " القطيعة " كليا مع الفكر الذي كان سائدا قبل معركة الجزائر وتأسيس فكر جديد ، لأن الحصول على ثقة سكان القصبة يومها وجعلهم سندا للثورة ، كان يقتضي لكسبه اعتماد قواعد لعبة جديدة لا تشوبها شائبة. لقد نجحت " معركة الجزائر " في تحقيق الأهداف التي رسمت لها ،رغم عدم تكافىء الامكانيات مع المستعمر ، لأنها لم تنخدع بـ "المظاهر "الخداعة ، و"الواجهة الأمامية "المزيفة ، لكون الرهان الذي رفعت سقفه منذ البداية كان يقوم على ضرورة ربح " معركة تبديل العقلية " قبل الذهاب الى المعركة مع جنرالات المحتل في أزقة القصبة ، أي تغيير المنظام " اللوجيسيال " الذي كان يتحكم في سلوكيات وذهنيات الأشخاص .
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات