طلاب الجامعات الأمريكية يتمردون على بايدن بسبب غزة

38serv

+ -

تتواصل الحركة الطلابية المتضامنة مع فلسطين بالجامعات الأمريكية للضغط على إدارة الرئيس جو بايدن لوقف حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، حيث بدأ نطاق هذه الاحتجاجات يأخذ منحى توسعيا وتصاعديا بعد اعتقال العديد من الطلبة، وأضحى الأمر مصدر قلق للسلطات الأمريكية التي تخشى أن يتحول إلى تيار وطني على غرار ذلك الذي عرفته الولايات المتحدة في ستينات وسبعينات القرن الماضي، والذي قاد إلى وقف حرب فيتنام التي مني فيها الجيش الأمريكي بانهزام تاريخي بعد فقدانه 60 ألف جندي.

وراج وسم بعنوان "تمرد طلاب أمريكا" على منصات التواصل الاجتماعي في تأكيد على اتساع رقعة الغضب وسط طلاب الجامعات الأمريكية، حيث اعتصم طلبة متظاهرون عبر جامعات نيويورك وميشيغان ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة ييل، حيث تم اعتقال عشرات المتظاهرين.

وكان المتظاهرون قد احتشدوا طوال عطلة نهاية الأسبوع في حرم جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك، حيث مارست الشرطة القمع واعتقلت أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين، في اعتصام داخل جامعات كولومبيا بمدينة نيويورك.

ومنذ تلك الاعتقالات، اعتصم متظاهرون مؤيدون في جامعات أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ما يعبد الطريق لتوسع هذه الحركة.

وبدأ المتظاهرون حراكهم الاحتجاجي الأسبوع الماضي، داعين إدارة جامعة كولومبيا لسحب استثماراتها من الشركات المرتبطة بالكيان الصهيوني.

كما ساد التوتر جامعة كولومبيا وأغلقت بوابات الحرم الجامعي أمام أي شخص ليس لديه بطاقة هوية جامعية، حيث اندلعت الاحتجاجات داخل الحرم الجامعي وخارجه. وقادت امرأة داخل الحرم الجامعي نحو 20 متظاهرا إلى الشارع وهي تهتف "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر".

وقالت شرطة نيو هيفن إن ضباط الشرطة اعتقلوا حوالي 45 متظاهرا في جامعة ييل بنيويورك، واتهموهم بجنحة التعدي على ممتلكات الغير. وأضاف أنه تم إطلاق سراحهم جميعا بناء على وعود بالمثول أمام المحكمة لاحقا.

ونصب المتظاهرون الخيام في بينكي بلازا، يوم الجمعة الماضي، وتظاهروا السبت والأحد الماضيين، مطالبين جامعة ييل بإنهاء أي استثمارات في شركات الدفاع التي تتعامل مع الكيان الصهيوني.

وفي بيان لمجتمع الحرم الجامعي، الأحد، قال بيتر سالوفي، رئيس جامعة ييل، إن مسؤولي الجامعة تحدثوا إلى الطلاب المتظاهرين عدة مرات حول السياسات والإرشادات، بما فيها تلك المتعلقة بالكلام والسماح بالوصول إلى مساحات الحرم الجامعي.

وقال مسؤولو الجامعة إنهم أمهلوا المتظاهرين حتى نهاية عطلة نهاية الأسبوع لمغادرة بينكي بلازا، وقالوا إنهم حذروا المتظاهرين مرة أخرى أول أمس وأخبروهم أنهم قد يواجهون الاعتقال والتأديب، بما في ذلك الإيقاف، قبل أن تتدخل الشرطة.

وقال طلاب استجوبتهم شبكة "سي إن إن" بجامعة نيويورك "إنها حملة شنيعة حقا من قبل الجامعة للسماح للشرطة باعتقال الطلاب في حرمنا الجامعي".

وسبق أن استمع الكونغرس إلى رئيسة الجامعة، نعمت شفيق، التي أكدت بدورها أن "معاداة السامية لا مكان لها في الحرم الجامعي".

وقالت نعمت شفيق، وهي بريطانية-أمريكية من أصل مصري، تعد أول امرأة ترأس الجامعة العريقة، في خطاب للطلاب، إنها سمحت للشرطة بإخلاء عشرات الخيام التي نصبها متظاهرون، لأنهم انتهكوا قواعد الجامعة ونظموا مظاهرات غير مصرح بها.

ولاقت تصريحات شفيق وتعاونها لقمع الاحتجاجات وإجراءاتها التي اتخذتها بحق الطلاب، تنديدا واستياء واسعا في الشارع العربي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي المقابل، يحاول اللوبي الصهيوني تحويل مسار هذه الحركة الاحتجاجية من خلال توظيف بعض الطلاب الصهاينة والادعاء أن "الكثير من الانتقادات الموجهة لإسرائيل انحرفت إلى معاداة السامية وجعلتهم يشعرون بعدم الأمان"، وذكروا أيضا أن "اليهود خائفون، فلقد كان هناك الكثير من التشهير بالصهيونية، وامتد الأمر إلى تشويه سمعة اليهودية".

وكان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قد أدان ما سماها "معاداة السامية" في حرم الجامعات، بينما أعرب رئيس بلدية نيويورك إريك آدامز، عن شعوره بـ"الهلع والاشمئزاز" من التقارير عن معاداة السامية في جامعة كولومبيا، متعهدا أن توقف الشرطة أي شخص يخرق القانون.

كما ادعت النائبة الأمريكية، كاثي مانينغ، وهي ديمقراطية من ولاية كارولينا الشمالية كانت تزور كولومبيا مع 3 أعضاء صهاينة آخرين بالكونغرس "لقد رأينا علامات تشير إلى ضرورة تدمير إسرائيل".

وربط مراقبون بين هذه الحركة الطلابية وتلك التي اندلعت في سبعينات القرن الماضي في الجامعات الأمريكية والتي أدت لإنهاء حرب فيتنام، متسائلين إن كانت ستؤدي إلى الأمر نفسه في حرب غزة.

وفي هذا السياق، تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" إن كانت الحرب في غزة "ستعلّم جيلا جديدا في أمريكا كما علّمت حرب فيتنام جيلا بأكمله سابقا".

ونقل كاتب التقرير عن أحد المناضلين السابقين ضد حرب فيتنام يدعى ريتشارد فلاكس، تذكره التحديات لبناء حركة احتجاج أثناء الحرب، والتي كانت عمودا لجماعة "طلاب من أجل مجتمع ديمقراطي" ذات الميول اليسارية والمعادية للحرب. وقال إن حركة "طلاب من أجل مجتمع ديمقراطي" بدأت بفكرة "نريد طريقا جديدا لأن نكون مع اليسار ومفردات جديدة وإستراتيجية جديدة".

وساعد فلاكس في كتابة بيان الحركة الذي عرف ببيان ميناء هورتون في 1962، وقال "عرفنا أننا على الطريق الصحيح، ولا أعتقد أننا كنا متغطرسين".

كما نقل الكاتب تصريحا للمناضلة إيمان عابد، وهي المنسقة والمديرة للحملة الأمريكية من أجل حقوق الفلسطينيين، والتي تعمل مع الجماعات المؤيدة لفلسطين، حيث أشارت إلى أنه بعد 60 عاما عن حرب فيتنام، تبرز نفس التحديات في حرب غزة، قائلة "لوقت طويل، لم نكن قادرين على جعل فلسطين موضوعا مهما"، مضيفة "لكن الناس يهتمون بها الآن، لأنهم يرونها، وهم يشاهدونها على حسابات التواصل الاجتماعي ويراقبون الأخبار". وهكذا، تجد إدارة بايدن نفسها أمام ضغوط إضافية على مقربة من الانتخابات الرئاسية، إذ تخشى أن تؤدي هذه الحركة الاحتجاجية إلى التأثير على التوجه العام للناخب الأمريكي وتدفعه إلى معاقبة بايدن وحرمانه من عهدة ثانية.

 

كلمات دلالية: