هذا شهر الله، رمضان، أهلَّ علينا ببركاته وخيراته، وهو شهر مبارك، نزل فيه القرآن، أمرنا الله بصيامه وقيامه، من صامه وقامه إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، هو شهر عظيم اجتمعت فيه الفضائل والخيرات والبركات، وهذا يستوجب منك، أختاه، استعدادا وإعدادا يليق بعظمته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به”، فقد نسبه الله إليه، وهذه خاصية لم تحظ بها أي عبادة أخرى.
l لكي لا يفوتك خيره وتنالي ثوابه وتجني ثماره، فإنه يجب عليك أن تستغلي كل لحظة من هذا الشهر الكريم، مرتبة الأولويات حسب الشرع لا حسب هوى النفس، مقدمة الأهم فالأهم، فلا تؤخري ما حقه التقديم، ولا تقدمي ما حقه التأخير. وإليكِ، أختاه، أهم ما ينبغي أن تحرصي عليه في هذا الشهر، مما يعينك على نيل أعلى الدرجات والفوز بالجنة والعتق من النار.
-الحرص على الوقت: الله الله في الوقت! فالأعمار هي الأعمال، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك، كما قال الحسن البصري. فلا تُضيّعي أختاه وقتك فيما لا يعود عليك بالأجر والقرب من الله، واستثمري هذا الشهر في الطاعة والعبادة وحسن المعاملة، فالأجر فيه مضاعف وكذلك الوِزر.
-الحرص على الفرائض، وعلى رأسها الصَلاة: فأدّيها في وقتها، ففي الحديث القدسي: “... وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه...”.
-الحرص على النوافل، والتراويح، وقيام الليل: سواء في البيت أو في المسجد، فقد رغّب صلى الله عليه وسلم في قيام رمضان بقوله: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”. فاحرصي على قيام الليل ولو بركعتين، فهو دأب الصالحين من قبلنا، وقربة إلى الله تعالى، يُدخل الجنة ويبعد عن النار.
-الإكثار من الذكر والاستغفار: قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا}. استغلي وقت إعداد الطعام وأعمال البيت في الذكر والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
-الحرص على الصدقة وإطعام الطّعام وإفطار الصائمين: تصدقي حسب وسعكِ، ولا تحقري من المعروف شيئا، فرُبّ صدقة قليلة تسُّد حاجة محتاج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما تصدّق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة، فتَربُو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل...” صحيح.
-تفقد أحوال الأقارب من الفقراء والمساكين والتوسيع عليهم: فالحسنات تتضاعف في هذا الشهر، والصدقة على الأقارب لها أجران أجر الصدقة وأجر صلة الرحم.
-الاهتمام بالنية وتجديدها: فالنية تحوّل المباح إلى قُربة، فلتكن جميع أعمالك خالصة لله حتى النوم، إذا نويته للاستراحة للتقوّي على الطاعة، كان لك به أجر.
-احتساب الأجر عند الله تعالى في أعمال البيت: كل ما تقومين به إذا نويته قُربة لله، ستحصلين على أجره يوم تعرض الصحائف، فلا تحرمي نفسك هذا الفضل.
-عدم الإكثار من الأكل: لأن الإسراف يضعف الجسم ويرهقه، قال تعالى: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين} الأعراف:31، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه حسب ابن آدم ثلاث أكلات يُقمن صُلبه، فإن كان لا محالة فثلث طعام وثلث شراب وثلث لنفسه” صحيح.
-الحرص على تلاوة القرآن وتدبره والعمل به: فالقرآن حبل الله، قال صلى الله عليه وسلم: “إني تارك فيكم كتاب الله، هو حبل الله، منِ اتبعه كان على الهُدى، ومن تركه كان على الضلالة” صحيح.
-الحرص على الأبناء: لمن كان له أبناء بإطعامهم الحلال، والدعاء لهم وتعليمهم وعدم الانشغال عنهم حتى بالعبادة؛ لأن تربيتهم أمانة، وعبادة بحد ذاتها.
-الحرص على الذكر والاستغفار أيام العذر الشرعي: لا تركني إلى الكسل، بل اشغلي نفسك بالدعاء وتدبر القرآن من كتب التفسير، والمساهمة في إفطار الصائمين والصدقة على المحتاجين.
وأختم بهذه البشرى لكِ أختاه التي بشَّرَك بها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا صَلّت المرأَة خُمُسَها وصامت شهرها، وحَصّنَت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت” صحيح. بشرى لكِ بالتزام شرع الله والوقوف عند حدوده، فأنت من النخبة الذين يُفتَح لهم أبواب الجنة الثمانية، فتدخلين من أيها شئتِ. اللهم اجعلنا من الفائزين في رمضان، ممن تدركهم الرحمة والمغفرة والعتق من النار.. آمين، آمين.. والحمد لله رب العالمين.
* أستاذة بكلية العلوم الإسلامية، جامعة الجزائر1
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال