في تأكيد على غنى وتنوع المطبخ الجزائري، صنف الموقع العالمي المختص في الأطعمة التقليدية "Taste Atlas" عددا من الأطباق الجزائرية ضمن قائمته السنوية لأفضل الأكلات والحلويات العالمية خلال السنوات الأخيرة. هذه التصنيفات لم تكن مجرد إشادة عابرة، بل جاءت نتيجة تقييمات دقيقة وتفاعل الآلاف من محبي الأطعمة عبر العالم، لتضع الجزائر في صدارة البلدان العربية والإفريقية من حيث الجودة والتميز الغذائي.
بحصوله على تقييم 4.34، احتل المطبخ الجزائري المرتبة الـ 21 عالميا، والأولى عربيا وإفريقيا، متفوقا على مطابخ عريقة من المنطقة مثل المصري واللبناني.
أما عالميا فتصدرت القائمة كل من اليونان، إيطاليا، المكسيك، إسبانيا البرتغال، تركيا، أندونيسيا، اليابان، فرنسا والصين. وجاء هذا التصنيف نتيجة تقييمات مستهلكين وخبراء طعام على حد سواء، الذين أعربوا عن إعجابهم بنكهات الأطباق الجزائرية، وتعقيد مكوناتها، وارتباطها الوثيق بالتقاليد والعادات المحلية.
أطباق جزائرية تتربع على العرش العالمي
وقد حظيت العديد من الأطباق الجزائرية بتقدير خاص، نظرا لطعمها المتميز، حيث جاء طبق الرشتة في المرتبة الرابعة عالميا ضمن قائمة أفضل 100 طبق تقليدي. هذه الأكلة العاصمية الأصيلة المعتمدة على قطع من المعجنات الرقيقة المصنوعة يدويا، تقدم غالبا مع مرق أبيض ودجاج، وتعطر بالقرفة، تعتبر طبقا رئيسيا في المناسبات الدينية والعائلية.
ووصف موقع "تايست أطلس" طبق الرشتة بأنه "طبق جزائري تقليدي يتكون من النودلز الرقيقة والمسطحة وصلصة الدجاج".
وأضاف "تتكون النودلز من مزيج من الدقيق والملح والماء والسمن، بينما تتكون الصلصة من قطع الدجاج والبصل والثوم والزيت والحمص ورأس الحانوت والقرفة واللفت والبطاطس والكوسا".
مقروط اللوز: تم تصنيف هذه الحلوى التقليدية الجزائرية في المرتبة الرابعة ضمن قائمة أفضل خمسين نوعا من الحلويات في العالم، حسب ما ورد على موقع "تايست أطلس" المتخصص في الطبخ التقليدي العالمي.
وأشار التصنيف الذي أصدره الموقع العالمي إلى أن الحلويات التقليدية الجزائرية "مقروط اللوز"، احتل المرتبة الرابعة في قائمة الحلويات الأكثر تقييما ضمن قائمة تضم 50 نوعا من الحلويات من مختلف دول العالم، وجاء تعريف "مقروط اللوز" على ذات الموقع بأنه "حلوى يدخل في مكوناتها اللوز والبيض والسكر ونكهة ماء زهر البرتقال".
وبلا شك تعتبر هذه الحلوى التقليدية الجزائرية المكسوة بطبقة كثيفة من السكر الأبيض الناعم من بين أفضل وألذ الحلويات في العالم، وهي حلويات منحدرة من تقاليد ممارسة قديمة في فن الطبخ وصناعة الحلويات في الجزائر.
طاجين الزيتون: احتل المرتبة الـ 31 ضمن أفضل أطباق الدجاج عالميا. وهو طبق يومي في العديد من البيوت الجزائرية، وطريقة تحضيره سهلة، وهو عبارة عن زيتون أخضر ودجاج ومرق وجزر وتوابل تطهى وتحمر ثم توضع في طبق التقديم، وهكذا يكون الطبق جاهزاً. كما أن مدة التحضير تستغرق 15 دقيقة بينما مدة الطبخ 40 دقيقة. وحسب ذات الموقع جاء هذا التصنيف بعد أن حصل طبق طاجين الزيتون على 4.3 نقاط من 5 بعد تقييم زوار الموقع.
الشخشوخة: واختيرت الشخشوخة الجزائرية لتكون من بين ألذ الأطباق العالمية المُحضرة بلحم الغنم، وهذا حسب آخر تصنيف لموقع "تايست أطلس" المتخصّص.
وحازت الشخشوخة على المرتبة الأولى إفريقيا وعربيا، بينما جاءت في المركز الـ 28 عالميا ضمن تصنيف تضمن 50 طبقا من الأطباق المطهوة بلحم الخروف.
وعرّف الموقع المختص الطبق على أنه عبارة عن يخنة جزائرية لذيذة "ويقصد باليخنة مزيج الخضر، اللحم والمرق مع العجائن أو الأرز".
مأكولات شعبية ذات صدى عالمي
ولم يقتصر الأمر على الأطباق الرئيسية والحلويات فقط، بل شملت التصنيفات أيضا أكلات ومشروبات جزائرية شعبية، حيث سجلت "المحاجب" إنجازا في تصنيف موقع "تايست أطلس" لأفضل أنواع الخبز في العالم لسنة 2025.
وفقا للتصنيف، احتلت المحاجب المرتبة الأولى عربيا وإفريقيا، والمركز الـ12 عالميا من بين 50 نوعا من أفضل المخبوزات في العالم.
ووصف موقع "تايست أطلس" المحاجب بأنها خبز مسطح جزائري تقليدي يعد من أكثر الأطعمة شعبية في البلاد، وتعتبر من أقدم الأطباق التقليدية الجزائرية، إذ تتكون من عجينة الطحين والسميد، وترق بزيت الزيتون قبل أن تحشى بخضروات مطبوخة.
شوربة الفريك والحريرة: احتلت كل من شوربة الفريك والحريرة قائمة "أفضل 20 حساء في العالم" جمعتها CNN إحدى أكبر القنوات التلفزيونية الإخبارية في الولايات المتحدة. ويشير المقال إلى أن هذين الطبقين من شمال إفريقيا "محبوبان بشكل خاص في شهر رمضان المبارك.
الكرانتيتا: تصدرت أكلة "القرنطيطة" أو "الكارانتيكا" قائمة أفضل 50 أكلة شوارع حول العالم، حسب الموقع العالمي "تايست أطلس" المختص في الأكلات التقليدية حول العالم.
وتتميز "الغارنتيتا" بكونها واحدة من أشهر وجبات أكل الشوارع في الجزائر، وهي وجبة شعبية خفيفة تنتشر عبر كل الولايات وتحضر تقريبا بنفس المواد. وهي عادة دقيق الحمص والزيت والماء إضافة إلى البيض وبعض التوابل، كما تقدم ساخنة مع "الهريسة" (صلصة حارة) والكمون.
وتعود أصول هذه الوجبة إلى مدينة وهران، حسب الباحثين المختصين في الطبخ الجزائري، غير أنها انتشرت مع الوقت إلى بقية المدن الجزائرية، ولهذا فهي تسمى بعدة أسماء، حسب الولايات والمناطق، على غرار "الكارانتيكا" و"الكاران" و"الحامي" و"الكارانطيطة". كما تنتشر في الخارج وخصوصا في البلدان التي تعرف تواجدا كبيرا للجاليات الجزائرية.
البغرير: وتعتبر هذه الأكلة الشعبية من أقدم الأكلات في الجزائر ومنطقة المغرب العربي، وتذكر الدراسات بأن تاريخها يعود إلى "دولة الموحدين" التي حكمت الجزائر وتونس وليبيا والمغرب والأندلس من 1121 إلى 1269 ميلادي، وانتقلت إلى مناطق ودول أخرى، من بينها السعودية واليمن وتعرف باسم "اللحوح"، وكذا في الصومال وإثيوبيا وغيرها.
وعن طريقة تحضير البغرير الجزائري، فهناك طريقتان، الأولى بالعجين والزيت ويدهن بالزبدة مع إضافة السكر أو العسل ويقدم ساخنا.
قهوة المزغران: واحتلت المرتبة العاشرة، ضمن تصنيف شمل 16 نوعا من القهوة من شتى الدول. وهي عبارة عن مشروب بارد تقليدي يحضر بصب القهوة الساخنة فوق مكعبات الثلج، ويعد ابتكارا جزائريا خالصا بدأ من مدينة مستغانم.
تراث غذائي يعكس الهوية الوطنية
يعكس هذا التنوع في الأطباق أصالة المطبخ الجزائري وتداخله مع التأثيرات الأمازيغية، العربية، الأندلسية والعثمانية، ما يجعله من أغنى المطابخ في العالم من حيث التنوع والتاريخ. كما أن الأطباق الجزائرية لا تقتصر على الذوق فقط، بل ترتبط بشكل وثيق بالاحتفالات والمناسبات الدينية والعائلية، ما يعزز قيمتها الثقافية والوجدانية.
رغم هذا الاعتراف الدولي، لا يزال المطبخ الجزائري في حاجة إلى مزيد من الجهود لتسويقه عالميا، سواء عبر الإعلام، أو من خلال المطاعم الجزائرية في الخارج، أو عبر إدماجه في السياحة الثقافية. ومع الدعم الصحيح، يمكن للجزائر أن تتحول إلى وجهة عالمية لعشاق المذاق الأصيل.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال