روراوة يفرض قرارات أحادية مخالفة لقواعد الاحتراف

38serv

+ -

أثارت القرارات المتتالية لرئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم جدلا كبيرا وسط الفاعلين في كرة القدم الجزائرية، وجعلت مشروع الاحتراف الذي دعا إليه محمّد روراوة محل انتقاد، من مبدأ أن مسؤول “الفاف” يسير عكس التيار ويرفض الإبقاء على روح وقواعد الاحتراف وتطبيق القانون من أجل القضاء على كل المشاكل التي تعترض نجاح المشروع. تسقيف الأجور، الذي أعاد طرحه محمّد روراوة، في ظل اعتماد سياسة التقشّف وتقليص الدولة مساعداتها للنوادي المحترفة، وفرضه هذه المرّة على الجميع، خيار لم يحظ بالإجماع، من باب أن اللاّعبين ورؤساء النوادي أو بعضهم، مقتنعون بأن حرص رئيس الاتحادية على عدم تكليف نفسه وهيئته لإيجاد حلّ قانوني ومنطقي للحدّ من ارتفاع حجم ديون النوادي، اختار الحلول السهلة، بجعل كل اللاّعبين، على اختلاف إمكاناتهم الفنية وعلى اختلاف قيمة عطائهم الرياضي، في نفس الكفّة من حيث المستحقات المالية، ومن هنا، ينتقل رئيس الاتحادية من الاحترافية إلى “الاشتراكية” في تسيير كرة القدم الجزائرية.تفادي الضغوط السياسية بقرارات “اشتراكية”الجانب المالي الذي “قتل” مشروع الاحتراف في المهد، دفع رئيس الاتحادية أيضا إلى اعتماد الحلول السهلة الشاملة التي تجعله في منأى عن “غليان” الشارع الكروي، كون روراوة مقتنعا بأن جعل القانون مبدأ وسيّدا على كل النوادي والفاعلين في كرة القدم الجزائرية سيجعله في قلب ضغوط سياسية وشعبوية أيضا، وهو الموقف الذي سيفرزه قرار إعادة بعث وتفعيل المديرية الوطنية لمراقبة التسيير، كون ذلك سيرغم “الفاف” على فرض عقوبات على أندية معيّنة دون سواها، ممن لا تستجيب لدفتر الأعباء، ونقصد بها الأندية التي لا تسير بما يفوق إمكاناتها الحقيقية، وتصنع الحدث كل موسم بارتفاع حجم ديونها دون أن تتعرّض بأي شكل من الأشكال للعقوبات المنصوص عليها قانونا، وهو ما يريد رئيس الاتحادية تجنّبه بأي طريقة.وما يؤكد هذا الطرح، وضع رئيس الاتحادية، وهو يعتمد القرار تلو الآخر من جانب أحادي بعيدا عن القواعد الاحترافية والقانونية وبعيدا عن المنطق أيضا، كل الأندية في كفّة واحدة، حين أقدم على تقليص عدد الإجازات من 25 إلى 22 إجازة الموسم المقبل، في حين، كان يمكن أن يبدو الأمر أكثر احترافية لو تم التفكير في “العقوبة الرياضية”، بمعنى تقليص عدد الإجازات للأندية غير القادرة على احترام تعهداتها المالية، وتجنيب أندية أخرى تحمّل تبعات مشاكل لا تعنيها، سواء من حيث استغلال كل الإجازات خلال الموسم أو تسديد رواتب كل اللاّعبين دون استثناء.ولم تتوقّف قرارات رئيس الاتحادية التي تندرج في سياق تفادي تطبيق قانون الاحتراف على النوادي المحترفة لـ”اتقاء” شرّ هيجان الشارع، حيث اعتمد محمّد روراوة أسهل الحلول بمنع انتداب اللاّعبين الأجانب، في سابقة أثارت جدلا كبيرا محليا وعالميا، بدليل أن مدرّب منتخب تنزانيا لم يتحرّج في وصف قرار غياب تمثيل القارة السمراء في البطولة الجزائرية، من حيث اللاّعبين والمدرّبين، بالعنصرية.وكان من واجب رئيس الاتحادية أن يعالج وضع اللاعب الأجنبي مع النادي الجزائري بأكثر حكمة، ويكون ذلك بعدم تمكين أي فريق بإشراك أي لاعب أجنبي بتأشيرة سياحية، ويفرض على النوادي طريقة لتسديد مستحقات اللاّعبين الأجانب حتى بالعملة الصعبة، ومن ثمة، تصبح الأندية غير القادرة على احترام الشروط غير مؤهّلة لانتداب الأجانب، دون أن تضطر الجزائر، المحترفة كرويا والقوية ماليا، لفتح باب الانتقادات عليها ووصف قرارات مسؤوليها بالعنصرية وغير الاحترافية.اللاّعبون.. جزائريون في المنتخب ومغتربون في الأنديةأما القطرة التي أفاضت الكأس، فتتعلّق أساسا بمنع تواجد المغتربين في البطولة الجزائرية بعد سن الـ27 عاما، وهو قرار يثير الاستغراب أيضا، من باب أن روراوة، الذي صنع قانون “الباهاماس”، واستثمر في المدارس الكروية الأوروبية لصناعة منتخب جزائري من اللاعبين المغتربين، يُشرّف ويلمّع واجهة الكرة الجزائرية دوليا، هو نفسه (روراوة) الذي صنّف المغتربين في خانة “جزائريين من الدرجة الثانية”، وحرمهم من التواجد في البطولة الجزائرية بعد سن الـ27 عاما.وإذا كان الإعلام الرياضي الجزائري والفرنسي على حدّ سواء، قد “فضح” وانتقد سياسة “الكوطات” على مستوى الاتحادية الفرنسية لكرة القدم، لتفادي الاستثمار في تكوين اللاّعبين مزدوجي الجنسية لحساب منتخبات بلدانهم الأصلية، فإن روراوة تبنّى نفس السياسة بين الجزائريين أنفسهم، وجعل من “الكوطات” سيفا على رقاب بعض اللاّعبين الجزائريين، الذين يعتبرون مغتربين في البطولة، غير أنهم يستعيدون “جزائريتهم” كاملة غير منقوصة، من منظور روراوة، حين يتعلّق الأمر بالمنتخب.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات